Open ITI: 0852IbnHajarCasqalani.JawabJalil BAH: / Author: Ibn Ḥajar al-ʿAsqalānī, Shihāb al-Dīn Abu l-Faḍl Aḥmad b. ʿAlī al-Kinānī Title: al-Jawāb al-jalīl ʿan Ḥukm Balad al-Khalīl Editor:ʿAbd al-Satār Abū Ghudda
Date of publication: 2009 Volumes: 1 Words: / Digitization: UGent central library OCR: Calfa
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله على ما علم، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي الذي أذعن لأمره كل مسلم وسلم.
أما بعد: فقد وردت علي أسئلة تتعلق بوقف بلد الخليل عليه السلام الذي بيد الداريين فكتبت على بعض بعد بعض، ثم أحلت في بعض على ما مضى.
فتكرر السؤال في جمع ذلك في جزء مفرد، فتتبعت الأسئلة، فجعلت بإزاء كل سؤال جوابه.
ثم رأيت أن أقدم قبل ذلك فصلا في بيان حال الخبر الوارد في إعطاء النبي صلى الله عليه وسلم تميما الداري بلد الخليل.
فانحصر الكلام بسبب ذلك في أربعة فصول: الفصل الأول: في بيان المنقول في أصل العطية.
الفصل الثاني: في بيان المنقول في حكمها من كلام أهل العلم.
الفصل الثالث: في تفصيل الأسئلة وأجوبتها.
الفصل الرابع: في ضبط الألفاظ الواقعة في الفصول الثلاثة، سواء كانت في الأسانيد أو المتون.
الفصل الأول [في بيان المنقول في أصل العطية] جاءت قصة هذه العطية من طرق متعددة، يفيد مجموعها أن للقصة أصلا: [رواية الطبراني، والضياء المقدسي] فأقوى ما وقفت عليه من ذلك وأوثقه رجالا ما قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن محمد بن عبد الحميد، أن إسماعيل بن عبد القوي بن عزون أخبرهم قال: قرئ على فاطمة بنت سعد الخير -ونحن نسمع- قالت: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية، أنبأنا محمد بن عبد الله الضبي، أخبرنا الطبراني، حدثنا أحمد بن بهرام الأيذجي، حدثنا علي بن الحسين الدرهمي، حدثنا الفضل بن العلاء، عن الأشعث بن سوار، عن محمد بن سيرين: عن تميم الداري [رضي الله عنه] قال: استقطعت النبي صلى الله عليه وسلم أرضا بالشام قبل أن تفتح فأعطانيها، ففتحها عمر بن الخطاب في زمانه، فأتيته فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني أرضا من كذا إلى كذا. فجعل عمر ثلثها لابن السبيل، وثلثها لعمارتها، وثلثها لنا.
هكذا أخرجه الطبراني في ((معجمه الكبير)).
وأورده الحافظ ضياء الدين المقدسي في كتابه ((الأحاديث المختارة مما لم يخرج في الصحيحين)).
ورجاله أخرج لهم مسلم، من أشعث فصاعدا، إلا أن في أشعث بن سوار مقالا.
وابن سيرين لم يسمع من تميم الداري، فإن مولد محمد بن سيرين لسنتين بقيتا من خلافة عثمان وكان قتل عثمان [رضي الله عنه] في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين. وتميم الداري مات سنة أربعين، ويقال قبلها.
وكان ابن سيرين مع أبويه بالمدينة ثم خرجوا إلى البصرة فكان إذ ذاك صغيرا.
وتميم مع ذلك كان بالمدينة ثم سكن الشام وكان انتقل إليها عند قتل عثمان.
فهذه علة خفية تقتضي القدح في صحة هذا الحديث، لوجود الانقطاع في سنده.
ولم يبين اسم الأرض المذكورة في هذه الطريق.
وجاء بيانها فيما أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب ((الأموال)).
[رواية أبي عبيد من طريق سماعة] قال: أخبرنا سعيد بن عفير، عن ضمرة بن ربيعة، عن سماعة، أن تميم الداري سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقطعه [قريات بالشام]: عينون، وفلانة، والموضع الذي به قبر إبراهيم وإسماعيل وإسحاق [ويعقوب] عليهم الصلاة والسلام: -[قال]: وكان بها ركحه ووطنه-، فأعجب ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((إذا صليت فسلني [ذلك]))، ففعل، فأقطعه إياهن [بما فيهن]. فلما كان زمن عمر بن الخطاب وفتح [الله تبارك وتعالى عليه] الشام أمضى له ذلك.
قال أبو عبيد: الركح الناحية، والجمع أركاح، قال: وأهل المدينة إذا اشتروا الدار قالوا: بجميع أركاحها، [أي: نواحيها].
[رواية أبي عبيد، من طريق الليث بن سعد] قال أبو عبيد أيضا: حدثنا عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، أن عمر رضي الله عنه لما أمضى ذلك لتميم قال له: ليس لك أن تبيع.
قال: فهي في أيدي أهل بيته إلى اليوم.
قلت: والسند الأول مرسل أو معضل. والثاني معضل.
لكن يستفاد منه صحة أصل هذه القصة عند الليث بن سعد، وشهادته بأن ذلك لم يزل في أيدي آل تميم، وإن ذلك يقتضي أن عصر الصحابة من لدن عمر، ثم عصر التابعين، ثم عصر من بعدهم مضى على ذلك من غير إنكار.
ولكن قوله في الأثر السابق: ((به قبر إبراهيم وإسماعيل)) فيه نظر، لأن قبر إسماعيل بمكة، فإنه مات بها باتفاق. والمحفوظ ما ذكره كعب الأحبار أن إبراهيم عليه السلام اشترى أرضا بحبرى فدفن بها سارة، ثم لما مات دفنه إسحاق بها، ثم لما ماتت زوجة إسحاق دفنها فيه، ثم إسحاق، ثم يعقوب. فهذا هو المعتمد. فلعله كان ((قبر إبراهيم وسارة وإسحاق)) فوقع فيه تغيير.
[رواية ابن سعد] وذكر محمد بن سعد في ((الطبقات)) أن وفد الداريين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم منصرفه من تبوك، وهم عشرة، فيهم: تميم، ونعيم، أبناء أوس بن خارجة، فذكر القصة، وفيها: فقال تميم: يا رسول الله إن لنا جيرة من الروم لهم قريتان يقال لإحداهما (حبرى) وللأخرى (بيت عينون) فإن فتح الله عليك الشام فهبهما لي. فلما قام أبو بكر أعطاه ذلك وكتب له كتابا.
قلت: والجمع بين هذا وبين الخبر الأول: أن عمر هو الذي أعطى ذلك تميما، بحمل (الإعطاء) في قصة أبي بكر على (الإمضاء)، فأطلق الراوي عليه (عطية).
[رواية ابن زنجويه] ويؤيد ذلك ما أخرجه حميد بن زنجويه في كتاب ((الأموال)) من طريق راشد بن سعد، قال: قام تميم الداري فقال: يا رسول الله إن لي جيرة من الروم بفلسطين لهم قرية يقال لها (حبرى) وأخرى يقال لها (بيت عينون) فإن فتح الله عليك الشام فهبهما لي، قال: ((هما لك))، قال: فاكتب لي بذاك كتابا. فكتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هذا كتاب من محمد رسول الله لتميم بن أوس، أن له قرية حبرى وبيت عينون كلها، سهلها وجبلها وماؤها وحرثها، ولعقبه من بعده، لا يحاقه فيها أحد، ولا يلجها عليهم أحد بظلم، فمن ظلمهم أو أخذ من أحد منهم شيئا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)).
(قال): فلما ولي أبو بكر كتب لهم كتابا نسخته: ((هذا كتاب من أبي بكر الذي استخلف في الأرض بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، كتب للداريين أن لا تفسد عليهم مأثرتهم، قرية حبرى وبيت عينون، فمن كان يسمع ويطيع فلا يفسد شيئا منهما)).
فهذا وجه قوله في الخبر الماضي (أعطاه) ذلك، أي: (أمضاه)، وأما تنجز الإعطاء فإنما وقع في عهد عمر كما مضى في الخبر الأول، لأن فتح فلسطين وما حواليها لم يقع إلا في خلافة عمر.
وإلى الدعاء الذي في هذا الأثر يشير ما أخرجه أبو عبيد البكري في كتاب ((معجم ما استعجم)) أن سليمان بن عبد الملك بن مروان كان إذا مر بقريتي تميم يعرج عنهما ويقول: أخاف أن تصيبني دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[رواية أخرى لابن سعد، ورواية ابن السكن وابن شاهين] وجاء الدعاء المذكور من طريق أخرى حسنة المخرج: فقال ابن سعد في كتاب ((الطبقات)): حدثنا إسماعيل بن عبد الله -هو ابن أبي أويس- حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن [خالد بن] سعيد بن أبي مريم التيمي مولى بني جذعان، عن أبيه، عن جده: أن كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لتميم الداري: ((هذا كتاب محمد رسول الله لتميم بن أوس، أن عينون قريتها كلها، سهلها وجبلها وماؤها وحرثها، وكرمها وأنباطها، وثمرها له ولعقبه من بعده، لا يحاقهم فيها أحد، ولا يدخل عليهم بظلم، فمن أراد ظلمهم أو أخذه منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)).
أخرجه الحافظان أبو علي بن السكن، وأبو حفص بن شاهين، في كتابيهما في الصحابة، في ترجمة تميم الداري، من طريق إسماعيل بن عبد الله بن خالد بن سعيد بن أبي مريم، ورجاله موثقون.
وإسماعيل بن أبي أويس؛ من شيوخ صاحبي الصحيح.
وإسماعيل بن عبد الله؛ ثقة مشهور.
وأبوه [عبد الله بن خالد]؛ وثقه أحمد بن صالح المصري.
وأبوه [خالد بن سعيد بن أبي مريم]؛ روى عنه ثلاثة، وذكره ابن حبان في ((الثقات))، وهو تابعي صغير. وكأنه وقف على الكتاب المذكور فحكاه، وهو يقوي ما تقدم ويعضده.
[رواية أخرى لأبي عبيد، عن عكرمة] وقال أبو عبيد القاسم بن سلام أيضا في كتاب ((الأموال)): حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، عن عكرمة: لما أسلم تميم [الداري] قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله مظهرك على الأرض كلها، فهب لي [قريتي من] بيت لحم. فقال: ((هي لك)).
فكتب له بها، فلما استخلف عمر وظهر على الشام جاءه تميم بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له عمر: أنا شاهد ذلك، فأعطاه إياه إلى اليوم. [قال: وبيت لحم هي القرية التي ولد فيها عيسى بن مريم عليه السلام].
قلت: وفي هذا -مع إرساله- انقطاع، لأن ابن جريج لم يسمع من عكرمة، وقد خالف في تسمية الأرض. و(بيت لحم) في القدس لا في بلد الخليل.
[رواية أخرى للطبراني، ولأبي نعيم، ولابن عساكر] ولقصة تميم طريق أخرى أخرجها الطبراني في ((المعجم الكبير))، وأبو نعيم في ((معرفة الصحابة)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق))، في ترجمة تميم، كلهم من طريق سعيد بن زياد بن فايد بن زياد، عن أبي هند الداري قال: قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فذكر الحديث، وفيه: فسألناه أن يعطينا أرضا من أرض الشام، فقال: ((سلوا حيث شئتم))، فقال تميم: أرى أن نسأله بيت المقدس وكورتها، فقال له أبو هند: لا تفعل، فإني أخاف أن لا تتم لنا، قال تميم: فنسأله بيت حبرون وكورتها، فسألناه.
فكتب لنا كتابا نسخته: ((هذا ما وهبه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم للداريين إن أعطاه الله الأرض فلهم بيت عين وحبرون وبيت إبراهيم بما فيهن لهم أبدا)).
قال: فلما قدم المدينة أتوه فكتب لهم كتابا نسخته: ((هذا ما أنطى محمد رسول الله لتميم الداري وأصحابه، إني أنطيتكم بيت عين وجبرون وبيت إبراهيم نطية بت، ونفذت وسلمت ذلك لهم ولأعقابهم من بعدهم أبد الأبد، فمن آذاهم آذاه الله)).
قلت: وهذا السند ضعيف، وقد ذكر سعيدا هذا في ((الضعفاء)) أبو حاتم بن حبان وقال: حديثه باطل، ولا أدري البلاء منه أو من أبيه أو جده؟ قال أبو الفتح الأزدي في ((الضعفاء)): سعيد بن زياد متروك.
قلت: وفي سياقه موضع لا يشك في أنه منكر، وهو قوله: أن ذلك وقع مرتين، مرة بمكة ومرة بالمدينة، فإن ذلك لا يعرف في شيء من الآثار.
وقدوم تميم على النبي صلى الله عليه وسلم اختلف فيه، هل كان في سنة ثمان، أو [في] سنة تسع، والأكثر على الثاني.
الفصل الثاني فيما وقفت عليه من كلام العلماء في ذلك [كلام أبي عبيد] قال أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب ((الأموال)) في الكلام على حديث معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه طاووس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((عادي الأرض لله ولرسوله؛ ثم هي لكم))، قال: قلت: ما يعني بذلك؟ قال: تكون إقطاعا.
هذا الخبر أصل في الإقطاع. والعادي كل أرض كان لها سكان فانقرضوا [فلم يبق منهم أنيس]، أي: فصارت خرابا، فإن حكمها إلى الإمام. قال: وأما الأرض التي جعلها النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الناس وهي عامرة لها أهل؛ فإعطاء الإمام لها يكون على وجه النفل.
ومن ذلك ما أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم تميما الداري، فإنه أعطاه أرضا بالشام من قبل أن تفتح الشام وقبل أن يملكها المسلمون، فجعلها له نفلا من أموال أهل الحرب إذا ظهر عليهم. كما فعله بابنة بقيلة [عظيم الحيرة] لما وهبها للشيباني [حين سأله إياها الشيباني]، قبل افتتاح الحيرة، وأمضاها له خالد [حين ظهر عليها]، وكذلك أمضى عمر لتميم -لما افتتحت فلسطين- ما كان النبي صلى الله عليه وسلم نفله.
قلت: فخرج أبو عبيد هذه العطية المعلقة مخرج ما ينفله الإمام بعض المقاتلة.
[كلام الماوردي] وقرأت في كتاب ((الأحكام السلطانية)) لأبي الحسن الماوردي، في الباب السابع عشر، في حكم الإقطاع ما ملخصه: والإقطاع ضربان: إقطاع استغلال، وإقطاع تمليك.
والثاني: ينقسم إلى: موات وعامر.
والثاني ضربان: 1- أحدهما ما تعين مالكه فلا نظر للسلطان فيه إلا ما تعلق بتلك الأرض من حق لبيت المال إذا كانت في دار الإسلام.
2- فإن كانت في دار الحرب حيث لم يثبت للمسلمين عليها يد فأراد الإمام أن يقطعها ليملكها المقطع عند الظفر بها فإنه يجوز. فقد سأل تميم الداري رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقطعه (عينون) البلد الذي كان منه قبل أن تفتتح الشام ففعل.
وسأله أبو ثعلبة الخشني أن يقطعه أرضا كانت بيد الروم؛ فأعجبه ذلك وقال: ((ألا تسمعون ما يقول هذا؟!)) فقال: والذي بعثك بالحق لتفتحن عليك. فكتب له بذلك كتابا.
قال الماوردي: وهكذا لو استوهب أحد من الإمام مالا في دار الحرب وهو على ملك أهلها، أو استوهبه شيئا من سبيها أو ذراريها؛ ليكون أحق به إذا فتحت؛ جاز، وصحت العطية منه مع الجهالة بها لتعلقها بالأمور العامة.
وقد روى الشعبي أن خزيم بن أوس الطائي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن فتح الله عليك الحيرة فأعطني بنت بقيلة، فلما أراد خالد صلح أهل الحيرة قال له خزيم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني بنت بقيلة فلا تدخلها في صلحك؛ فشهد له بشير بن سعد ومحمد بن مسلمة؛ فاستثناها من الصلح ودفعها إلى خزيم؛ فاشتريت [منه] بألف درهم، وكانت قد عجزت [وحالت] عما عهد منها، فقيل له: قد أرخصتها، وكان أهلها يدفعون [لك] أضعاف ما سألت بها! فقال: ما كنت أظن أن عددا يكون أكثر من ألف.
قال الماوردي: إذا صح الإقطاع والتمليك على هذا الوجه نظر حال الفتح: فإن كان صلحا خلصت الأرض لمقطعها، وكانت خارجة عن حكم الصلح بالإقطاع السابق، وإن كان الفتح عنوة كان المقطع والمستوهب أحق بما استقطعه، واستوهبه من الغانمين. ونظر في الغانمين: فإن كانوا علموا بالإقطاع أو الهبة قبل الفتح؛ فليس لهم المطالبة بعوض، وإن لم يعلموا حتى [فتحوا] عاوضهم الإمام بما يستطيب به نفوسهم عن غير ذلك من الغنائم. وقال أبو حنيفة: لا يلزم الإمام استطابة نفوسهم، [كما لا يستطيب نفوسهم] عنه ولا عن غيره من الغنائم إذا رأى المصلحة في ذلك، انتهى كلامه.
وقد ذكرت قصة تميم.
وأما قصة أبي ثعلبة التي أشار إليها؛ فأخرجها الإمام أحمد من طريق أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي ثعلبة قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، اكتب لي بكذا وكذا أرضا من أرض الشام لم يظهر عليها. فذكر الحديث، ورجاله ثقات.
لكن أخرج الترمذي من وجه آخر عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي ثعلبة حديثا آخر فيه طرف منه وقال: لم يسمع أبو قلابة من أبي ثعلبة.
وأما قصة خزيم بن أوس فقرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، بالسند الماضي أولا إلى الطبراني: حدثنا عبدان بن أحمد ومحمد بن موسى البربري، قالا: أنبأنا أبو السكين زكريا بن يحيى، حدثني عم أبي: زحر بن حصن، عن جده حميد بن منهب، قال: قال خزيم بن أوس بن حارثة بن لام الطائي: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((هذه الحيرة البيضاء قد رفعت لي، وهذه الشيماء بنت بقيلة الأزدية على بغلة شهباء معتجرة بخمار أسود))، فقلت: يا رسول الله، فإن نحن دخلنا الحيرة ووجدتها على هذه الصفة فهي لي؟ قال: ((هي لك)).
ثم سرنا -يعني مع خالد بن الوليد- في زمن أبي بكر على طريق الطف حتى دخلنا الحيرة، فكان أول من تلقانا فيها الشيماء بنت بقيلة الأزدية على بغلة شهباء بخمار أسود، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعلقت بها وقلت: هذه وهبها لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدعاني خالد بن الوليد [فقال: لك] عليها البينة. فأتيته بها، فسلمها لي. ونزل إلينا أخوها عبد المسيح؛ فقال لي: بعنيها؛ فقلت: لا أنقصها -والله- من عشر مائة شيئا، فدفع إلي ألف درهم، فقيل لي: لو قلت: مائة ألف، لدفعها إليك؛ فقلت: ما كنت أحسب أن مالا أكثر من عشر مائة.
قال: وبلغني في غير هذا أن الشاهدين كانا: محمد بن مسلمة وعبد الله بن عمر. وفي طريق أخرى: بشير بن سعد بدل ابن عمر.
هذا حديث غريب أخرجه ابن شاهين في ((الصحابة)) من هذا الوجه .
وأبو السكين: من رجال البخاري.
وحميد: لا بأس به.
وزحر: معروف النسب مجهول الحال.
وخزيم: طائي، لا كما وقع عند أبي عبيد أنه شيباني.
[كلام أبي يعلى] وقرأت في ((الأحكام السلطانية)) للقاضي أبي يعلى بن الفرا الحنبلي نظير ما ساقه الماوردي ملخصا حكما واستدلالا؛ لكنه غير في آخره، بدل ما نقله الماوردي عن أبي حنيفة، بلفظ: ((وقيل: لا يلزم الإمام استطابة نفوسهم)) إلى آخره، وكأن المنقول عن أبي حنيفة رواية عند الحنابلة، وهي قضية ما عند المالكية.
[كلام أبي بكر بن العربي] ووقفت في ((شرح الموطأ)) للقاضي أبي بكر بن العربي، لما تكلم في البيوع على حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: هي صحيفة صحيحة، وإنما تركها من تركها لقولهم إنها غير مسموعة، وهذا لا يمنع من الاحتجاج.
وقد كان عند أولاد تميم الداري كتاب النبي صلى الله عليه وسلم في قطعة أديم: ((بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أقطع محمد رسول الله تميما الداري، أقطعه قريتي (حبرون) و(بيت عينون) بلدي الخليل)).
فبقي ذلك في يده ويد أهله إلى أن غلب الفرنج على القدس والخليل سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة.
قال: ولقد اعترض بعض الولاة على آل تميم أيام كنت بالشام، وأراد انتزاعها منهم، فحضر القاضي حامد الهروي الحنفي فاحتج الداريون بالكتاب، فقال القاضي: هذا الكتاب ليس بلازم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع تميما ما لم يملك. فاستفتى الوالي الفقهاء، وكان الطوسي -يعني الغزالي- حينئذ ببيت المقدس فقال: هذا القاضي كافر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((زويت لي الأرض كلها)) وكان يقطع في الجنة فيقول: قصر كذا لفلان، فوعده صدق، وعطاؤه حق. قال: فخزي القاضي والوالي، وبقي آل تميم على ما بأيديهم.
[كلام الغزالي] قلت: وقد وقفت على أصل هذه القصة التي أشار إليها ابن العربي في كتاب ((قانون التأويل)) للغزالي، وهو كتاب جمعه القاضي أبو بكر بن العربي من فوائد الغزالي، ونصه في هذا الموضع: ((ما قوله -أدام الله علوه- فيما أقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم تميما الداري من الشام قبل أن يملكه أهل الإسلام، ما وجه صحته مع أنه جرى قبل الملك، ولم يتصل به القبض، ولم يجر تحديد محل الإقطاع، هل يجوز للإمام أن ينزع ذلك من آل تميم؟ ومتى يحصل الملك للمقطع؟)).
فأجاب: ذلك الإقطاع صحيح لتميم، ومنتقل إلى أعقابه.
ووقت حصول الملك: عند تسليم الإمام المستولي على ملك الأرض له ذلك.
ووجه صحته أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مختصا بالصفايا من المغنم، حتى كان يختار من المغنم ما يريد ويدفع ملك المسلمين عنه بعد استيلائهم عليه، فكذلك كان له أن يستثني بقعة من ديار الكفر عن ملك المسلمين ويعينها لبعض المسلمين فيصير ملكا له ويكون سبب الملك تسليم الإمام بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهي من التخصيصات قبل الاستيلاء، وليس ذلك لغيره [من الأئمة]، فإنه صلى الله عليه وسلم كان مطلعا بالوحي على ما سيملك في المستقبل، وعلى وجه المصلحة في التخصيص والاستثناء وغير ذلك، ولا يطلع غيره عليه.
وأما قول من قال: ((لا يصح إقطاعه، لأنه قبل الملك))، فهو كفر محض؛ لأنه يقال له: هل حل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعله أو كان ظالما بتصرفه ذلك؟ فإن جعله ظالما، كفر، وإن قال: ((بل حل له ذلك))، قيل له: أفعلم أن ذلك يحصل أو لا؟ فإن جهله، كفر. وإن قال: ((إنه علم لكن علم أنه لا يحصل))، قيل له: فلا يبقى إلا أنه أقدم عليه مع علمه ببطلانه!! فيطيب قلب من سأله بما لا يحصل له!! فهذا محض الخداع والتلبيس، ومن نسبه إلى ذلك فقد كفر.
وأما قوله: ((إن القبض لم يحصل))، فهو مردود من وجهين: (أحدهما): أن أفعاله صلى الله عليه وسلم حجة، فهو كما لو وهب امرأة رجل لرجل آخر، فإنها تحرم على الأول، ويحمل على أنه أوحي إليه أنها حرمت عليه وحلت للآخر. بل الإقطاع المذكور نظير ما لو أقطع الإمام شخصا من موات الأرض شيئا ؛ فإن الإقطاع يصح ولا يملكه المقطع في الحال، بل إنما يملكه بالإحياء. والقبض ليس بشرط في صحة هذا التخصيص.
وأما الحد فليس شرطا للصحة، ولا سيما في الأمور العامة. ولا يشترط التسليم.
وللإمام عند التسليم أن يعول فيه على الشهرة، وله أن يتسامح فيما يقع منه في محل الاشتباه، فإن مبنى هذه الأمور على المساهلة، بخلاف التصرفات الجزئية. انتهى.
وقد اشتمل على فوائد.
[الموازنة بين طريقة الغزالي وطريقة الماوردي] وتحصل لنا من كلامه طريقة تخالف طريقة الماوردي، فإنهما -وإن اتفقا على صحة ما وقع لتميم- اختلفا في مأخذ ذلك: - فالغزالي يرى أنه من الخصائص النبوية، ويجعله من الصفايا المختصة به، فلا يكون لأحد من الأئمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع أحدا من الرعية شيئا لم يدخل في ملك المسلمين.
وفي كلام الغزالي أيضا ما يشير إلى أن ذلك من جملة وعوده. وقد تعرض بعضهم لعدها في الخصائص النبوية، وكذا فعل أبو بكر الصديق رضي الله عنه بوفاء ما وعد به صلى الله عليه وسلم .
- والماوردي يرى [جواز] ذلك عموما.
وطريقته أقوى، لأن الأصل التأسي، والخصائص لا تثبت بالاحتمال.
[كلام التقي السبكي] ثم وجدت في آخر (إحياء الموات) من ((شرح المنهاج)) للشيخ تقي الدين السبكي: فرع: إقطاعات النبي صلى الله عليه وسلم كانت في الموات. قال الماوردي: إلا ما كان من شأن تميم الداري وأبي ثعلبة الخشني، فيحتمل أن يكون أقطعهما إقطاع تقليد، لا إقطاع تمليك. ويجوز أن يكونا مخصوصين بذلك، لتعلقه بتصديق خبر وتحقق إعجاز.
وأما الأئمة بعده: فأبو بكر وعمر لم يقطعا إلا مواتا، إلا أن عمر اصطفى من أموال كسرى من أرض السواد، فكأنه نفل شيئا بصرفه في مصالح المسلمين ولم يقطع منها شيئا. ثم إن عثمان أقطعها إقطاع إجازة، أي: أمرهم أن يؤجروها بأجرة معلومة؛ لينتفعوا بها مع بقاء الرقبة. والله أعلم، انتهى ملخصا.
فيستفاد من هذا أن الماوردي تردد في مأخذ الإقطاع الذي وقع لتميم، وجوز أن يكون من الخصائص بعد أن حكى الخلاف: هل لغير النبي صلى الله عليه وسلم أن يفعل ذلك؟ والله أعلم.
وقد تقدم تخريج أبي عبيد ذلك على صورة (النفل)، فإن للإمام أن ينفل من يرى تنفيله من المقاتلة ما يرى فيه المصلحة؛ لكن هل يختص ذلك بالمنقولات أو يدخل فيه العقار؟ وهل يكون ذلك بعد الظفر وقبل القسمة، أو قبل الظفر؟ هذا محل النظر.
وفي الجملة فقد وجد النقل عن أئمة السلف وأئمة المذاهب، بتصحيح الصورة المسؤول عنها بخصوصها.
فنعود إلى تحرير أجوبة المسائل الموعود بها أولا، وهو الفصل الثالث.
الفصل الثالث في تفصيل الأسئلة، وأجوبتها المسألة الأولى هل صحت دعوى الداريين العطية المذكورة؟
والجواب: أن يدهم ثابتة. ومستندها الآثار المتقدمة، فإن مجموعها يدل على أن لذلك أصلا، مع ما انضم إلى ذلك من شهادة الليث بن سعد أحد فقهاء الأمصار -كما تقدم النقل عنه وعن غيره بأصل العطية، ولذا وقع التغاير في صفتها.
[المسألة] الثانية هل كانت على جهة الوقفية أو الهبة أو غيرهما؟
والجواب: أنه ليس في شيء من الآثار التصريح بالوقفية إلا ما في الأثر الأول أن عمر شرط عليه أن لا يبيع، وأن يخرج ثلثا في العمارة، وثلثا لأبناء السبيل.
والذي يتحرر أن ذلك كان (إرصادا) له ولذريته إلى آخر الدهر، فامتثل [الأئمة] ذلك إلى الآن.
[المسألة] الثالثة هل يختص ذلك بتميم وذريته؟ وإذا اختص هل يعم ذكورهم وإناثهم؟ وإذا لم يختص بذريته هل يدخل فيه أقاربه؟
والجواب: أنه يختص بعد تميم بذريته، سواء كانوا ذكورا أم إناثا؛ لأن أهل النسب متفقون على أن تميما لم يعقب سوى ابنته (رقية)، وبها كان يكنى.
وأما أقاربه فوقع في بعض الآثار المتقدمة أن لهم مدخلا في ذلك، فإن ثبت ذلك دخلوا، وكانوا في الاستحقاق سواء.
[المسألة] الرابعة هل يثبت كونهم أقارب تميم بمجرد قولهم؟ وهل تكفي شهادة بعضهم لبعض بذلك؟
والجواب: أن من كان بيده شيء كفاه وضع يده. ومن رام الدخول لم يكفه مجرد دعواه.
ويكفي في ثبوت كونه منهم وجود الشهرة لمن يدعي ذلك؛ فإن النسب مما يثبت بالاستفاضة، إلا أن يثبت ما يخالفه. وتقبل شهادة بعضهم لبعض.
[المسألة] الخامسة إذا ثبت كونهم من أقارب تميم بالشهرة، هل يكون ذلك أقوى من عموم تصرف الإمام في أراضي بيت المال؟
والجواب: إن الشهرة قد صحبها العمل المستمر مع ترك النكير من عهد الفتوح إلى الآن. وقد نازع في ذلك قوم أحيانا وخصموا، واستمر ذلك في أيدي المذكورين. فخص ذلك من عموم تصرف الإمام، إلا أنه لا يرتفع إلا بالنسبة لنقل ذلك عنهم إلى غيرهم. وأما مع إبقائه عليهم فلا.
[المسألة] السادسة هل تقبل دعواهم أن البلدتين المذكورتين الموجودتين الآن هما المراد بما في العطية المذكورة؟
والجواب: أنه مهما كان بأيديهم؛ فإنه يحمل على أنه من العطية، ومهما كان ليس بأيديهم لم يقبل أنه من العطية إلا ببينة؛ لأنه يطرقه احتمال حدوث إحياء فيما يجوز فيه الإحياء مما كان خارج البلد مثلا ثم اتصل بها، فلا ينزع ممن هو بيده بمجرد دعواهم أن ذلك داخل في عموم عطية البلدين. فمهما ثبت أنه كان مبنيا أو مغروسا أو مسكونا في وقت العطية؛ فإنها تشمله، وما لا فلا بد فيه من إقامة البينة. ومهما تعذرت فيه البينة أقر على من هو بيده.
[المسألة] السابعة هل يستحقون حكر جميع البلدتين حتى المغارة؟
والجواب: أن الأصل استحقاقهم لذلك جميعه. إلا أنه يستثنى ما كان فيهما من مساجد ومقابر المسلمين؛ فإنها لا تدخل في العطية. وكذا من وجد بيده شيء من غير ذلك لا ينزع منه إلا بعد ثبوت أنه مما دخل في العطية. وأما المغارة التي فيها قبور الأنبياء فلا يحل لأحد المطالبة بحكرها؛ فإنها لم تدخل في العطية، لكون الخليل عليه الصلاة والسلام اشتراها لدفن أهله؛ فإن العطية إنما وقعت على ما لا ملك فيه لمسلم ولا اختصاص؛ فكيف إذا كان لنبي من أنبياء الله تعالى، عليهم الصلاة والسلام؟
[المسألة] الثامنة هل لهم المطالبة بأكثر من أجرة المثل؟ وهل لهم إلزام أحد بقلع بنائه أو غراسه قبل العلم بأنه وضع بغير حق؟
والجواب: أنهم في استحقاق أجرة الأرض والبناء كغيرهم، فمهما كان في أيديهم -على ما تقدم تقريره- ووضع أحد عليه يده بغير حق، وجب انتزاعه منه؛ فإن بنى في أرضهم بغير حق وجب إزالته، إلا إن ظهر أن الأحظ لهم إبقاؤه بأجرة المثل، فيجوز تبقيته.
وإن وجد بناء وضع بحق، كأن استأجر ليبني واستوفيت شروط ذلك وانقضت مدة الإجارة؛ فإن اللازم بعد ذلك أجرة المثل.
وإن جهل هل وضع ذلك بحق أو لا، لم ينزع إلا أن يثبت أنه وضع بغير حق.
وليس لهم أن يطالبوا من ثبتت لهم عليه أجرة -إذا لم يكن بيده إجارة صحيحة- بأكثر من أجرة المثل.
[المسألة] التاسعة هل للإمام أن يولي على هذا المرصد ناظرا يوصل إلى كل ذي حق حقه؟ وإذا كان له ذلك، هل يقتصر على ناظر واحد أو يجوز تعدد النظار؟ أو يولي كل واحد النظر على ما يستحقه؟
والجواب: أن له جميع ذلك، لكن الأولى اجتماع الكلمة في واحد، [و] لا سيما عند وقوع التنازع.
[المسألة] العاشرة إذا ساغ للإمام إقامة ناظر عليهم؛ فهل يشترط أن يكون الناظر منهم، أو يجوز أن يكون من غيرهم؟ وهل يجوز أن يقرر للناظر على عمله أجرة [أو لا]؟
والجواب: أن الأولى أن يكون الناظر عليهم منهم، فإن لم يكن منهم متأهل؛ فيتعين أن يكون من غيرهم.
وأما الأجرة فلا يقررها إلا إن لم يجد متبرعا؛ فيقرر حينئذ أجرة المثل من غير زيادة. فإن وجد من يعمل بدونها تعين، وإن وجد متبرعا تعين أيضا. والله سبحانه وتعالى أعلم.
الفصل الرابع في ضبط الألفاظ الواقعة في الفصول المتقدمة على ترتيبها قوله ((الأيذجي)): بفتح الهمزة والذال المعجمة، بينهما ياء آخر الحروف ساكنة، ثم جيم.
قوله: ((سوار)): بتشديد الواو.
قوله: ((عفير)): بعين مهملة ثم فاء، مصغر.
قوله: ((سماعة)): بكسر السين المهملة.
قوله: ((عينون)): بفتح العين المهملة، بعدها ياء آخر الحروف ساكنة، ثم نونين الأولى مضمومة بعدها واو ساكنة.
قوله: ((ركحة)): بضم الراء، وسكون الكاف ، ثم حاء مهملة [وهاء] ضمير، قد فسره أبو عبيد لما رواه.
قوله: ((حبرى)): بفتح الحاء المهملة، وسكون الباء الموحدة، والقصر. ويقال لها أيضا (حبرون).
قوله: ((زنجويه)): بفتح الزاي، وسكون النون، بعدها جيم.
قوله: ((فلسطين)): بفتح الفاء واللام، وسكون السين المهملة.
قوله: ((لا يحاقه)): بتشديد القاف، أصله: يحاققه، أي: يدعي معه فيها حقا.
قوله: ((ولا يلجه)): بالجيم، من الولوج.
قوله: ((جذعان)): بضم الجيم، وسكون الذال المعجمة، بعدها عين مهملة.
قوله: ((وحرثها)): بالحاء المهملة والثاء المثلثة.
قوله: ((وأنباطها)): بنون وموحدة وطاء مهملة، جمع نبيط، وهو الماء المستنبط.
قوله ((بيت لحم)): بفتح اللام، وسكون الحاء المهملة.
قوله: ((سعيد بن زياد)): بفتح الزاي، وتشديد الياء آخر الحروف. فرد في الأسماء واختلف في جده، هل هو كذلك، أو كالجادة.
و((فائد)): بالفاء.
قوله: ((حبرون)) أو ((حبرين)): تقم ضبطهما في (حبرى).
قوله: ((كورتها)) ..
قوله: ((بيت عين)): هي عينون.
قوله: ((أنطى)): بالنون، لغة في أعطى.
قوله: ((نطية بت)): بموحدة، ثم مثناة ثقيلة. أي: عطية قطع، يريد أنه لا رجوع فيها.
__________
قوله: ((ابن حبان)): بكسر المهملة، وتشديد الموحدة.
قوله: ((عادي الأرض)): بالعين المهملة وتشديد الياء.
قوله: ((بقيلة)): بموحدة ثم قاف مصغر.
والشيباني: بالمعجمة ثم الموحدة.
قوله: ((الحيرة)): بكسر الحاء المهملة، ثم بالياء آخر الحروف.
قوله: ((خزيم)): بالمعجمة والزاي، مصغر.
وجده ((حارثة)): بالمهملة والمثلثة.
قوله: ((زحر)): بفتح الزاي، وسكون الحاء المهملة، بعدها راء.
و((حصن)): بكسر الحاء، وسكون الصاد المهملتين، ثم نون.
قوله: ((منهب)): بضم الميم، وسكون النون، وكسر الهاء، ثم موحدة.
قوله: ((الشيماء)): بفتح الشين المعجمة بعدها ياء آخر الحروف ساكنة، وبالمد.
قوله: ((معتجرة)): بعين مهملة، وجيم، من الاعتجار، وهو: لي الشيء على الرأس من غير إدارة تحت الحنك، قاله الخليل بن أحمد.
قوله: ((بخمار)): بكسر الخاء المعجمة، وتخفيف الميم، أي: قناع.
قوله: ((فعلقت)): بفتح المهملة وكسر اللام، بعدها قاف. أي: أمسكتها لأختص بها. والله سبحانه أعلم.
[خاتمة التأليف والنسخ] (قال مؤلف هذه الرسالة حافظ عصره شيخ الإسلام قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن حجر الشافعي رحمه الله تعالى): كان الفراغ من تعليقها في ذي القعدة الحرام، سنة تسع وثلاثين وثمانمائة.
ملحق رقم (1) سؤال وجواب للإمام المقريزي رحمه الله تعالى حول إقطاع تميم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وبعد: فإن في يمن بطن في لخم هم ولد الدار بن هاني بن حبيب بن نمارة بن لخم بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد؛ منهم: تميم بن أوس بن خارجة بن سواد -ويقال: سود- بن جذيمة بن ذراع -ويقال: زراع- ابن عدي بن الدار؛ يكنى بأبي رقية، ابنة له.
قال ابن عبد البر وغيره: لم يولد له غيرها.
أسلم سنة تسع من الهجرة، وسكن المدينة؛ ثم انتقل إلى الشام بعد قتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه.
روى عنه: عبد الله بن موهب، وسليم بن عامر، وشرحبيل بن مسلم، وقبيصة بن ذؤيب.
وكان تميم رضي الله عنه يعرف بالمختطف؛ لأنه اختطف في أيام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وتوفي بعد قتل عثمان رضي الله عنه.
وإلى هذه البطن ينسب كل داري.
وقال أبو عبيد البكري في كتاب ((معجم ما استعجم)): ((حبرى: بكسر أوله، وإسكان ثانيه، وفتح الراء المهملة، على وزن: فعلى، إحدى القريتين اللتين أقطعهما النبي صلى الله عليه وسلم تميما الداري رضي الله عنه، وأهل بيته، والأخرى: عينون، وهما بين وادي القرى والشام. قال: وليس لرسوله صلى الله عليه وسلم قطيعة غيرهما.
قال من كتب من خطه -أحمد بن علي المقريزي-: كذا ذكر أبو عبيد البكري أنه ليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم قطيعة غير حبرى وعينون؛ وقد ذكرت في كتاب ((إمتاع الأسماع بما للرسول صلى الله عليه وسلم من الأبناء والأحوال والحفدة والمتاع)) عدة إقطاعات أقطعها صلى الله عليه وسلم في باب أفردته لذلك، ولله الحمد.
وذكر الواقدي -رحمه الله- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى للداريين بجاد مائة وسق، وهم عشرة، قدموا من الشام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فأوصى لهم بطعمة مائة وسق، وهم: هاني بن حبيب، والفاكه بن النعمان، وجبلة بن مالك، وأبو هند بن بر، وأخوه الطيب بن بر -سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم : عبد الله- وتميم بن أوس، ونعيم بن أوس، ويزيد بن قيس، وعزيز بن مالك -وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم : عبد الرحمن- وأخوه مرة بن مالك.
وروى يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني صالح بن كيسان، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: لم يوص رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته إلا بثلاث: للرهاويين بجاد مائة وسق من خيبر؛ وللداريين بجاد مائة وسق من خيبر؛ وللأشعريين بجاد مائة وسق من خيبر؛ وأوصى بتنفيذ جيش أسامة بن زيد رضي الله عنه؛ وأوصى أن لا يترك بجزيرة العرب دينان.
وقال من كتب من خطه: الرهاويون: يرجعون في نسبهم إلى رها بن منبه بن حرب بن علة بن خالد بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة عشر رجلا؛ فأسلموا وحج منهم نفر في حجة الوداع، وشهدوا مع أسامة بن زيد حربه بالشام، وباعوا ما أوصى لهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجاد بخيبر في زمن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.
فهذا ما تيسر إملاؤه من خبر تميم الداري رضي الله عنه.
وصورة ما على آخره: وكتب أحمد بن علي بن عبد القادر بن محمد المقريزي، الشافعي، غفر الله تعالى له؛ وذلك بسؤال الشيخ بدر الدين حسن ابن الشيخ علاء الدين التميمي الشهير بالقصراوي، أحد خدام سيدنا خليل الرحمن، عليه وعلى نبيا محمد أفضل الصلاة والسلام والأنبياء الكرام؛ فأجابه سيدنا ومولانا واضع حروف اسمه أعلاه.
وكتب هذه في سادس شهر رجب الفرد سنة أربعين وثمانمائة، أحسن الله عاقبتها والمسلمين. آمين.
نامعلوم صفحہ