قال باركر، بالعودة إلى طريقته السابقة: «هل هذا مثال على الفراسة التي تشتهر بها؟»
لكن جرانت كان جادا هذا الصباح. «لا؛ كل ما هنالك أنني رأيت لامونت وتحدثت إليه عندما كان يروي قصته، وأنت لم تفعل ذلك.»
ذكره باركر: «هذا ما قلته في البداية. لقد حاول لامونت رواية قصة تثير شفقتك وجعلك تصدقها ... لذا أخرجها من رأسك، جرانت، حتى تحصل على دليل بسيط يثبت صحتها. الفراسة أمر جيد جدا، وأنا لا أنكر أنك كنت خارقا للطبيعة مرة أو مرتين، لكنها كانت تتوافق دائما إلى حد ما مع الأدلة مسبقا، وفي هذه القضية لا تتوافق بشكل مؤكد.» «هذا بالضبط الشيء الذي يجعلني أشعر بالقلق أكثر. لماذا لست مسرورا بالقضية بصورتها الحالية؟ ما الذي يجعلني غير مسرور؟ هناك شيء ما، لكنني لا أعرف ما هو. ما زلت أشعر أن هناك خطأ ما في مكان ما. أريد شيئا من شأنه إما تشديد الأدلة ضد لامونت أو تخفيفها.»
قال باركر بمرح: «حسنا، حسنا، تفضل. لقد أبليت بلاء حسنا حتى الآن بحيث يمكنك تحمل العمل بلا وعي بضعة أيام أخرى. الأدلة جيدة بما يكفي لمحكمة الجنح، أو أي نوع آخر من المحاكم، المخصصة لذلك.»
لذا ذهب جرانت خلال الصباح الحافل المشمس إلى ووترلو، حاملا معه استياءه. وبينما كان يخطو من الرصيف الدافئ إلى القبو البارد في أفضل محطات لندن ولكن أكثرها حزنا - حتى اسمها يفوح منه رائحة النهايات والفراق - ظهر الحزن على وجهه كنذير. بعد أن حصل على التصريح اللازم لفتح أي أمتعة تركها سوريل، قصد غرفة الأمتعة المتروكة، حيث قال مسئول مهتم للغاية بالأمر: «نعم، سيدي، أنا أعرفها. لقد تركت منذ نحو أسبوعين»، وقاده إلى الأمتعة قيد البحث. كانت تتألف من صندوقي ثياب باليين، وخطر لجرانت أنه لم توضع على أي منهما ملصقات شركة روتردام-مانهاتن كما كان من المفترض أن يحدث لو كان سوريل ينوي الصعود على متن السفينة في ساوثهامبتون. ولم يكتب عليهما العنوان على الإطلاق. على الملصقات العادية على كل منهما كان مكتوبا بخط سوريل عبارة «إيه. سوريل»، ولا شيء سوى ذلك. فتحهما بمفاتيحه وضربات قلبه تتسارع بشكل طفيف. أسفل الثوب العلوي في الصندوق الأول كان جواز سفر سوريل وتذاكر الرحلة البحرية. لماذا تركها هناك؟ لماذا لم يأخذها معه في محفظة؟ ولكن بجانبها كانت الملصقات التي قدمتها الشركة لتمييز أمتعة الركاب. ربما لسبب ما، نوى سوريل فتح صندوق الثياب مرة أخرى قبل الذهاب إلى قطار الميناء، وأرجأ وضع الملصقات حتى ذلك الحين. وقد ترك تذاكره وجواز سفره هناك لتكون بأمان أكثر من المحفظة في صف الانتظار.
واصل جرانت فحصه. لم يكن هناك ما يشير إلى أن سوريل لم يكن ينوي السفر إلى الخارج كما قال. كانت الملابس محزومة بعناية ونظام مما دل بالتأكيد على أنه سيستخدمها فيما بعد. كان هناك منهج أيضا في طريقة ترتيبها. فالقطع التي من المفترض أن يحتاج إليها أولا كانت في متناول اليد، والأقل أهمية في الأسفل. كان من الصعب، عند النظر إلى أسلوب الحزم، الاعتقاد بأن سوريل لم يكن ينوي إخراج الملابس بنفسه في وقت ما في المستقبل. ولم تكن هناك معلومات، ولا رسائل، ولا صور فوتوغرافية. اعتبر جرانت هذا الشيء الأخير هو الأمر الوحيد اللافت بشأن الأمتعة - وهو أن الرجل الذي كان في طريقه للسفر إلى الخارج لا ينبغي أن يكون معه أي هدايا تذكارية من أي نوع. ثم رآها، محزومة في الأسفل بين حذاءين - مجموعة صغيرة من الصور. فك الخيط الذي كان يربطها على عجل، وفحصها. كان نصفها على الأقل صورا لجيرالد لامونت، إما بمفرده أو مع سوريل، والبقية كانت مجموعات عسكرية قديمة. النساء الوحيدات في المجموعة هن السيدة إيفريت وبعض من فرق المساعدة التطوعية، اللائي كن على ما يبدو غير أساسيات لمجموعات الجيش. كاد جرانت أن يتأوه بصوت عال بسبب خيبة أمله - فقد فك هذا الخيط بآمال قوية وإن كانت غامضة - ولكن عندما ربط حزمة الصور مرة أخرى، وضعها في جيبه. قد تكون فرق المساعدة التطوعية غير أساسية داخل المجموعة، لكن فرديا كن نساء، وعلى هذا النحو، لا ينبغي ازدراؤهن.
وكان هذا كل شيء! كان هذا كل ما كان سيحصل عليه من الأمتعة التي كان يعتمد بشدة عليها. شعر بالانزعاج وخيبة الأمل، فبدأ في إعادة الأشياء كما وجدها. وبينما كان يرفع معطفا ليطويه، سقط شيء من الجيب وتدحرج على أرضية غرفة الأمتعة المتروكة. كان علبة صغيرة مغلفة بقطيفة زرقاء، مثل تلك التي يستخدمها الصاغة من أجل وضع المصوغات الذهبية فيها. لا يوجد كلب صيد يجري وراء جرذ أسرع مما كان عليه جرانت مع ذلك الصندوق الصغير الذي كان يدور ببطء، ولم ينبض قلب أي فتاة عند فتح علبة قطيفة مثلما كان قلب جرانت ينبض عند فتح تلك العلبة. ضغط عليها بإبهامه وفتح الغطاء. على البطانة ذات اللون الأزرق الداكن، وضع بروش مثل ذلك التي ترتديه النساء في قبعاتهن. كان مصنوعا من لآلئ صغيرة على شكل الأحرف الأولى، وكان بسيطا جدا وجميلا إلى حد كبير. قال جرانت بصوت عال: «إم آر.» مارجريت راتكليف.
قالها مخه قبل أن يتاح له الوقت بتجميع أفكاره. حدق في الحلية قليلا، ثم أخرجها من بطانتها القطيفة، وأدارها في يده، وأعادها مرة أخرى. هل كان هذا دليله، بعد كل شيء؟ وهل أشارت هذه الأحرف الأولى الشائعة بشكل كاف إلى المرأة التي ظلت تتردد في هذه القضية بإصرار؟ كانت هي التي وقفت خلف سوريل عندما قتل؛ كانت هي التي حجزت سريرا في اليوم نفسه على السفينة نفسها إلى وجهة سوريل نفسها؛ والآن الشيء القيم الوحيد الموجود بين متعلقاته بروش بأحرف اسمها الأولى. فحصه مرة أخرى. لم يبد من النوع الذي يبيعه العشرات، ولم يكن الاسم الموجود على الصندوق هو اسم شركة يتردد عليها عادة وكلاء مراهنات شباب مفلسون. كان الاسم هو اسم شركة في شارع بوند تتمتع بسمعة طيبة، وسلع بأسعار مناظرة. كان يعتقد، بشكل عام، أن أفضل خطوة لديه هي الذهاب لمقابلة السادة جاليو آند ستاين. أغلق صندوقي الثياب، ووضع البروش في جيبه مع الصور، وغادر من ووترلو. أثناء صعوده سلالم الحافلة، تذكر أن لامونت قال إن النقود التي أعطاها له سوريل قد غلفت بورق أبيض مثل ذلك الذي يستخدمه الصاغة. نقطة جيدة أخرى لصالح لامونت. ولكن لو كان سوريل سيسافر إلى الخارج بصحبة مارجريت راتكليف، أو بسببها، فلماذا يسلم مبلغا كهذا للامونت؟ كان لدى السيدة راتكليف مال خاص بها، كما ذكر سيمبسون، لكن لا يبدأ أي رجل في العيش على أموال المرأة التي كان يهرب معها، حتى لو كان آسفا لترك صديقه في فقر نسبي.
تدار أعمال السادة جاليو آند ستاين في متجر صغير مظلم نوعا ما في شارع أولد بوند، ولم ير جرانت سوى مساعد واحد. بمجرد أن فتح جرانت الصندوق الأزرق، تعرف الرجل على البروش. كان هو الذي تعامل مع العميل بشأنه. لا؛ لم يكن لديهم في المخزن. قد صنع بطلب من شاب وسيم يدعى السيد سوريل. كانت تكلفته 30 جنيها، وانتهي منه - نظر في دفتر - في يوم 6، كان يوافق الثلاثاء، وقد جاء فيه السيد سوريل، ودفع ثمن البروش، وأخذه معه في ذلك التاريخ. لا؛ المساعد لم ير الرجل من قبل. لقد وصف ما يريد، ولم يثر أي ضجة بشأن السعر.
غادر جرانت وهو يفكر بعمق، لكنه لم يكن قريبا من الحل. حقيقة أن رجلا في موقع سوريل كان على استعداد لدفع 30 جنيها مقابل حلية كان يثبت افتتانا من نوع مبالغ فيه. لم يقدمها لمن يحب حتى وقت رحيله. وهذا يعني أنها يمكن أن تقدم فقط بعد مغادرته بريطانيا. كانت مخبأة في أعماق صندوقه. لم يكن لديه أصدقاء في أمريكا يعرفهم أحد. لكن مارجريت راتكليف كانت تسافر بالقارب نفسه. تلك المرأة! كيف تورطت في الموضوع! ودخولها، بدلا من أن يوضح الأمور، زاد الطين بلة أكثر من ذي قبل. بسبب هذا التشوش، كان جرانت مقتنعا الآن بوجود شيء ما.
نامعلوم صفحہ