جناقو مسامیر الارض
الجنقو مسامير الأرض
اصناف
يبدأ صباحي كالعادة بكسل يتسم به العاطلون عن العمل ولديهم مصدر رزق يحول دونهم والموت جوعا، وليست عليهم مسئوليات أسرية، عبارة عن مطاليق مثلي يبحثون عن متعة المشاهدة لا أكثر، لدينا زبونة واحدة فقط نشرب عندها قهوة الصباح، شمطاء، تستغل راكوبة بيتها لتقدم الشاي والقهوة للعابرين من الجنقو، والعمال الآخرين، بيتها في أقصى الشرق على طريق همدائييت، حيث يعمل عدد من العمال على تأسيس طلمبة الوقود، ذهبت إليها وحدي إذ إن صديقي فضل دخول الحلة، أما مختار علي فلبى دعوة جارة حبشية كريمة، طلبت منه أن يشرب معهما هي وزوجها قهوة الصباح، وكما هو معروف لا يرفض عينة هذه الدعوة إلا شخص أهبل، فالناس يؤمنون هنا أن لا أحد يصنع القهوة بمهارة تفوق الحبشيات، أعدت لي العجوز قهوة وعليها كمية أكبر من الزنجبيل، وهي علامة أنني من مدينة كسلا، بينما أنا من مدينة القضارف، مر أمامنا شرطيان يتبعهما شيخ الحلة، وبعض أعضاء اللجنة الشعبية، رموا علينا السلام ومضوا في عجلة نحو الطلمبة. قالت لي العجوز: إمبارح «بالأمس» واحد من عمال الطرمبة ديل طعنوه. - طعنه منو؟
قالت وهي تحرك جمرة صغيرة بملعقة السكر: أولاد من المعسكر، معسكر اللاجئين القريب دا، كانوا بيلعبوا القمار مع بعض واختلفوا، كلهم كانوا سكرانين لط.
قلت لها: إن شاء الله ما اتعوق شديد؟
قالت بحسرة: مات قبل شوية في مستشفى الشجراب، شالوه بلوري عثمان عيسى لخشم القربة، لكنه مات في السكة.
ثم أضافت: إنت ذاتك بتعرفه.
وأخذت تصفه لي، ولكنني، وهي عادة سيئة عندي، عندما يموت شخص أعرفه معرفة غير عميقة، أقصد معرفة عابرة، فإنني أنسى ملامحه، بل قد لا أتذكر أنني قابلته من قبل، الأمر الذي يكون سهلا إذا ما زال على قيد الحياة، لا أعرف ماذا وراء ذلك. - هو واحد من زبايني، أنت شفتو هنا في راكوبتي ذاتها.
قلت: الود البرناوي؟
قالت ضاحكة: يشبه البرنو، ولكنه مولد.
وشرحت لي أن تسعة وتسعين في المائة من سكان الحلة ليست لهم أجناس، ليست لهم قبائل، كلهم مولدون، أمهاتهم حبشيات بازاريات، بني عامر، حماسينيات، بلالاويات، أو أي جنس، وآباؤهم في الغالب إما غرابة: مساليت، بلالة، زغاوة، فور، فلاتة، تاما، أو حمران وشكرية، أو شلك ونوبة ونوير، وفي قلة من الشوايقة والجعليين، وكضاب الزول البقول عندو قبيلة هنا، ولا جنس ولا خشم بيت، قلت لها متحديا: كويس أداليا دانيال؟
قالت: أداليا دانيال أمها دينكاوية، أبوها أشولي، وراجلها لكويا.
نامعلوم صفحہ