وجهه، يقال: صَرَفَهُ يَصْرِفهُ، صَرفًا، فانصرف، وصارف نفسه عن الشيء: صرفها عنه، قال تعالى: (وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُم مِّنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ) (التوبة: ١٢٧)
فقوله: - (ثم انصرفوا …) أي: رجعوا عن المكان الذي استمعوا منه، وقيل: - انصرفوا عن العمل بشيء مما سمعوا، وقوله تعالى: - (صرف الله قلوبهم ..) أي: - أضلهم الله مجازاة على فعلهم، وصرفت الرجل عني فانصرف). (^١)
أي: صرف الله عن الخير والتوفيق والإيمان بالله ورسوله قلوبَ هؤلاء المنافقين (^٢).
ويأتي الصرف بمعاني أخرى كالتوبة والتطوع والقيمة والعدل والمثل والميل والنافلة (^٣).
فـ" أصلُ الصرفةِ من الفعلِ صرفَ، والصرفُ لغة هو ردُّ الشيءِ عن وجهِه". (^٤)
ويقول الخليل بن أحمد الفراهيدي:
"الصَّرْفُ فَضْلُ الدَّرْهَم في القيمة وجَوْدةُ الفِضَّة وبيع الذَّهَبِ بالفضَّةِ ومنه الصَّيْرَفِيُّ لتَصريفه أحدهما بالآخَر". (^٥).
وقال الراغب الأصفهاني:
" الصَّرْفُ: ردّ الشيء من حالة إلى حالة، أو إبداله بغيره، يقال: صَرَفْتُهُ فَانْصَرَفَ. قال تعالى: (ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ) [آل عمران: ١٥٢]، وقال تعالى: (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ) (هود: ٨)، وقوله: (ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ) (التوبة: ١٢٧)، فيجوز أن يكون دعاء عليهم، وأن يكون ذلك إشارة إلى ما فعله بهم، وقوله تعالى: (فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلا نَصْرًا) (الفرقان: ١٩)، أي: لا يقدرون أن يَصْرِفُوا عن أنفسهم العذاب، أو أن يصرفوا أنفسهم عن النّار. وقيل: أن يصرفوا الأمر من حالة إلى حالة في التّغيير، ومنه قول العرب: (لا يُقبل منه صَرْفٌ ولا عدل)، وقوله: (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِ) [الأحقاف: ٢٩]، أي: أقبلنا بهم إليك وإلى الاستماع منك، والتَّصْرِيفُ كالصّرف إلّا في التّكثير، وأكثر ما يقال في صرف الشيء من حالة إلى حالة، ومن أمر إلى أمر. وتَصْرِيفُ الرّياح هو صرفها من حال إلى حال. (^٦).
ويقول ابن فارس في معجم مقاييس اللغة:
" صرف الصاد والراء والفاء معظم بابه يدل على رجع الشيء، من ذلك صرفت القوم صرفًا وانصرفوا اذا رجعتهم فرجعوا". (^٧)
وقيل إن الصَّرْفة:
"هي كوكب نير، وسمي هذا الكوكب بالصرفة لانصراف الحر عند طلوعه مع الفجر من المشرق وانصراف البرد إذا غرب مع الشمس، ويقال الصرفة ناب الدهر لأنها تفتر عن فصل الزمانين". (^٨).
قال ابن قتيبة الدينوري: (ت: ٢٧٦ هـ)
"وسميت الصَّرْفَة لانصراف البرد وإقبال الحر (^٩) وقد جعلها العرب في أسجاعهم، كقولهم: إذا طلعت الصَّرْفة بكرت الخُرْفة وكثرت الطُّرْفة وهانت للضيف الكُلْفَة (^١٠) وكقولهم أيضًا إذا طَلِعَت الصَّرْفَة احتَالَ كلُّ ذي حِرْفَة وقيل اخْتَالَ كلُّ ذِي خُرْفَة وجَفَرَ كلُّ ذي نُظْفَة وامْتِيزَ عن المياه زُلْفَة (^١١).
وَالْعَرَبُ تَقُولُ:
الصَّرْفَةُ نابُ الدَّهْرِ لأَنها تفْتَرُّ عَنِ الْبَرْدِ أَوْ عَنِ