السابقة على من يصححون علانيته؟!
وفيه إيماء إلى دقيقة إذا تأمله عاقل يعرفها، ويعرف بتأمله ما في كلامه من الاضطراب والتشويش، فإنه بعد ما اعتبر في الخليفة أن يكون من أعرف الأمة بالشريعة حتى لا يكون أعرف بها منه في زمانه وهو الحق، لأن الخليفة حافظ الشريعة فيجب أن يكون أعرف بها من أهل زمانه طرا، لئلا يلزم تفضيل المفضول على الفاضل، غفل (1) عن هذا أو تغافل، لتصريحه بأن المعول الأعظم العقل وحسن الايالة لا الأعرفية بالشريعة والديانة، بل يلزم الأعرف أن يشارك الأعقل ويعاضده، ويلزم الأعقل أن يعتضد به ويرجع إليه مثل ما فعل علي (عليه السلام) وعمر.
وهذا منه تصريح بأعلمية علي (عليه السلام) من عمر وإن كان فيه تناقض صريح وتهافت قبيح ارتكبه لترويج الكاسد وإصلاح الفاسد " وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر " وإن كان ثاقبا ذهنه الحديد وفكره السديد، وما هي من الظالمين ببعيد.
ثم بعد ما صح وثبت أن الخارجي كامل والمدعي للخلافة ناقص، كيف يسوغ الحكم بأولوية إطباق أهل المدينة دون وجوبه، وهذا الحكيم لا يصحح الترجيح من غير مرجح فضلا عن تصحيحه ترجيح المرجوح على الراجح؟! وقد حكم آنفا بأنهم إذا أطبقوا على غير من وجدوا الفضل فيه والاستحقاق له فقد كفروا بالله، وهذا هو الحق الذي يقتضيه النظر الفلسفي، وكأنه تأشعر بعد ما تفلسف.
ومع قطع النظر عن ذلك، كيف يتصور ذلك التصحيح من الخارجي وهم يدعون أن إجماع أهل السابقة من الأمة لا يتطرق إلى صحته شوب شبهة وإلى حقيته وصمة شك، لبراءتهم عن الزلة والخلل وعصمتهم عن الخطأ والزلل، وينقلون على ذلك حديثا، وبعد ذلك كله ما ذكره من شرائطه كان موجودا فيهم؟!
أما تصحيح أهل السابقة كصاحب الحق وأهله وأولاده وأقربائه وأصحابه كعمه العباس وأبنائه وأسامة بن زيد والزبير، ومشاهير الصحابة الكبار كسلمان
صفحہ 9