(والجواب الثالث) ما قيل أن الخوارج دخلوا الكوفة وقصدوا أبا حنيفة بالسيوف المشهرة وقالوا أنت تزعم أنه لا يكفر أحد بذنب* والحكاية مشهورة إلى أن قال أبو حنيفة أتوب إلى الله من كل ذنب فقال أعداؤه استتيب أبو حنيفة من الكفر مرتين وعنوا به هذا* وحكى هذا عن الكرخي رحمه الله وقال في آخر الحكاية فلما أخرجوا عنه قيل لكبيرهم إنما عنى أبو حنيفة بالكفر الذي تاب عنه الذي أنت عليه فاسترده فقال إنما تبت من الكفر الذي تعتقد أنا عليه فقال أبو حنيفة أتقول هذا عن ظن أم عن علم فقال بل عن ظن قال فإن الله تعالى يقول {إن بعض الظن إثم} * وهذه خطيئة منك وهي كفر فتب إلى الله تعالى من الكفر فقال وأنت فتب فقال أنا تائب إلى الله تعالى من كل كفر فهذا معنى قولهم استتيب أبو حنيفة من الكفر مرتين*
(وأما) قوله عفا الله عنه حاكيا عن أحمد أنه سئل عن النظر في كتب أبي حنيفة أيجوز فقال لا*
(فالجواب) عنه من وجوه ثلاثة*
(أحدها) أن الخطيب هو الذي حكى عن إبراهيم الحربي أنه ذكر أحمد يوما مسائل دقيقة فقلت له من أين لك هذا قال من كتب محمد بن الحسن فإذا كان هو ينظر فيها ويستفيد منها فكيف ينهى غيره*
(والثاني) أن كتب أبي حنيفة لا يخالفها أحمد إلا في عدة مسائل أقل مما يخالف فيها الشافعي وغيره وقد كتبت مائة وخمسة وعشرين مسئلة من أصول المسائل التي وافق فيها أحمد أبا حنيفة وخالفهما الشافعي فكيف يتصور أن المسائل التي هي مذهبه مخالفة لما أخذ به*
صفحہ 67