سلي البيدَ أين الجنُ منّا بِجَوْزِها ... وعن ذي المهاري أين منها النقانق؟
فإن النقانق في أصل اللغة: هي جماعة النعام، فغيرتها العامة، وجعلتها دالة على ضرب من طعام السوقة، فصارت من أكثر الألفاظ ابتذالا. واعلم أن العامة اعتمدوا هذا في كثير من كلامهم، حتى أن الشيخ أبا منصور الجواليقي، صنف في ذلك كتابًا ووسمه (بإصلاح ما يغلط فيه العامة) فمنه ما هذا سبيله، وهو الذي أنكرنا استعماله على أرباب هذه الصناعة؛ لكراهته ولأنه مما لم يأت في كلام العرب، ولا جاء عنهم، فهذان عيبان من الضرب الذي ذكرناه.
وأما الضرب الثاني من القسم الأول؛ ففيه عيب واحد؛ وهو إنه وضع في كلام العرب لمعنى فجعلته العامة ذالًا على غيره، إلا إنه ليس بمستقبح ولا مستكره، وذلك كتسميتهم الإنسان ظريفًا إذا كان دمث الأخلاق، حسن الصورة واللباس، طيب الريح، وما هذا سبيله. والظريف في أصل اللغة بخلاف ذلك؛ لأن الإنسان إنما يسمى ظريفًا إذا كان حسن النطق فقط. إذ الظرف يتعلق باللسان لا غير. وقد قالت العرب في صفات خلق الإنسان: الصباحة في الوجه. الوضاءة في البشر. الجمال في الأنف. الحلاوة في العينين. الملاحة في الفم. الظرف في اللسان.
1 / 50