والصنبر). وكذلك قوله في صفة المطر:
مُتغطمطٌ، غصب الوحوش مكانها، ... تياره فالضب جارُ الضِّفْدعِ
فهل تجد أيها المتأمل لكتابنا هذا أشد كراهة عليك من النطق بلفظة متغطمط؟ وأشباه ذلك كثيرة. وفيما ذكرنا من هذه الأمثلة كفاية.
واعلم أن الإنكار على الناثر في استعمال الوحشي من الكلام أكثر من الإنكار على الناظم؛ وذلك لأن الناثر واسع المجال، مطلق العنان، متصرف كيف شاء، قادر
على أن يقيم مكان اللفظة، التي ذكرها لفظة أخرى مما هو في معناها. والناظم قد لا يمكنه ذلك، لأن مجال التأليف عليه حرج، ونطاقه ضيق. وإذا أراد أن يقيم لفظة مكان لفظة لا يتأتى له ذلك، في جميع الحالات، لانفساد الوزن عليه. ولنضرب لهذا مثالًا فتقول: ألا ترى أن معنى (متغطمط) في قول هذا الشاعر أي (متدفق) ولو أراد أن يجعل هذه اللفظة الحسنة مكان تلك اللفظة القبيحة، لفسد عليه وزن البيت. ولست أرى للشاعر في هذا دواء، إلا إنه إذا أتاه شيء من هذه الألفاظ الحسنة، ويتزن له الشعر مع ذلك فهو المراد، وأن كان لا يقع له من الألفاظ ما هو في معناه، ولا يتيسر له ذلك، فيقيم عوضه من الألفاظ الحسنة ما يصح به المعنى الذي قصده مع الاتزان. ألا ترى أن هذا الشاعر لو قال في هذا البيت (متدفق)
1 / 48