جامع البيان في تفسير القرآن
جامع البيان في تفسير القرآن
[الرحمن: 14] يقول: كالشيء المنفوخ الذي ليس بمصمت، قال: ثم يدخل في فيه ويخرج من دبره، ويدخل من دبره ويخرج من فيه، ثم يقول: لست شيئا للصلصلة، ولشيء ما خلقت لئن سلطت عليك لأهلكنك، ولئن سلطت علي لأعصينك. قال: فلما نفخ الله فيه من روحه، أتت النفخة من قبل رأسه، فجعل لا يجري شيء منها في جسده إلا صار لحما ودما. فلما انتهت النفخة إلى سرته نظر إلى جسده، فأعجبه ما رأى من حسنه، فذهب لينهض فلم يقدر، فهو قول الله:
وكان الإنسان عجولا
[الإسراء: 11] قال: ضجرا لا صبر له على سراء ولا ضراء. قال: فلما تمت النفخة في جسده، عطس فقال: الحمد لله رب العالمين، بإلهام من الله تعالى. فقال الله له: يرحمك الله يا آدم. قال: ثم قال الله للملائكة الذين كانوا مع إبليس خاصة دون الملائكة الذين في السموات: اسجدوا لآدم فسجدوا كلهم أجمعون إلا إبليس أبى واستكبر لما كان حدث به نفسه من كبره واغتراره، فقال: لا أسجد له وأنا خير منه وأكبر سنا وأقوى خلقا، خلقتني من نار وخلقته من طين. يقول: إن النار أقوى من الطين. قال: فلما أبى إبليس أن يسجد أبلسه الله، وآيسه من الخير كله، وجعله شيطانا رجيما عقوبة لمعصيته، ثم علم آدم الأسماء كلها، وهي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس: إنسان ودابة وأرض وسهل وبحر وجبل وحمار، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها. ثم عرض هذه الأسماء على أولئك الملائكة، يعني الملائكة الذين كانوا مع إبليس الذين خلقوا من نار السموم، وقال لهم:
أنبئوني بأسمآء هؤلاء
[البقرة: 31] يقول: أخبروني بأسماء هؤلاء
إن كنتم صدقين
[البقرة: 31] إن كنتم تعلمون أني لم أجعل في الأرض خليفة. قال: فلما علمت الملائكة مؤاخذة الله عليهم فيما تكلموا به من علم الغيب الذي لا يعلمه غيره الذي ليس لهم به علم، قالوا: سبحانك تنزيها لله من أن يكون أحد يعلم الغيب غيره، تبنا إليك لا علم لنا إلا ما علمتنا تبريا منهم من علم الغيب، إلا ما علمتنا كما علمت آدم.
فقال:
يآءادم أنبئهم بأسمآئهم
[البقرة: 33] يقول: أخبرهم بأسمائهم
نامعلوم صفحہ