بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
الحمد لله رب العالمين، وبه أستعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؛ وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما:
كتاب الجامع لجمل من الفوائد والمنافع
خرج مسلم عن تميم بن أويس الداري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "الدين النصيحة؛ قالوا: لمن يا رسول الله؟، قال: لله ولرسوله ولكتابه وعامة المسلمين [وخاصتهم](¬1)".
صفحہ 1
فصل
والنصيحة لله بثلاثة: اعتقاد الحق(¬1) في وصفه، والقيام بأمره(¬2)، والاستسلام لقهره.
والنصيحة لرسوله بثلاثة: باتباع سنته، وإكرام قرابته، والشفقة على أمته.
والنصيحة لعامة المسلمين بثلاث: إقامة حقوقهم، والكف عن أذاهم(¬3)، ونفعهم بما أمكن كيف أمكن.
والنصيحة لخاصتهم بثلاثة: إقامة حقوقهم في مراتبهم، وإقامة ما أقامه الحق من حرمتهم، وبذل الوسع في منافعهم وتذكيرهم.
ولكل من هذه الجمل تفصيل وتأصيل، يحتاج إلى كلام طويل؛ ومدار الكل(¬4) على نصيحة المرء نفسه، فإن لم ينصح لنفسه لم تصح نصيحته لغيره، وإن وقعت منه النصيحة فربما كانت عين الفضيحة(¬5)، نسأل الله العافية.
صفحہ 2
فصل
ومن النصيحة [لله] أن يقيم العبد حيث أقامه [مولاه](¬1)، فلا يلتفت لغيره ما تولاه به من تسبب أو تجريد أغني أو فقير إلى غير ذلك إن كان على وجه لا يصحبه فيه محرم ولا يلحقه فيه إثم، ولا تناله ضرورة مضرة وإن كان ما تتشوف له النفس أنفع فالرضا بقضاء الله أحسن وأنفع.
وكثير من كان في الأسباب فتركها [معتمدا](¬2) التوكل فابتلي باللجية للخلق والطمع فيهم؛ وكثير من كان متجردا فدخل في الأسباب فابتلي بمعاص لا يقدر على التوبة منها ومصائب لا يمكنه الرجوع عنها؛ ولهذا كان المشائخ - رضي الله عنهم - لا يأمرون المتزوج بالتبتل ولا المتبتل بالنكاح بل قالوا: إذا ابتلي(¬3) بشهوة الفرج فليجاهد ما طاق، فإن غلبه الأمر فليكثر الاستخارة، ويقعد منتظرا التيسير ولا يعجل في أمره، فإن الاستعجال حيض الرجال.
صفحہ 3
[و]أصل كل خير القناعة بما تيسر من علم أو مال أو عمل أو حال ما لم تصحبه معصية، فإن من تتبع الفضائل خرج عن المقصود؛ وقد قال - عليه السلام - : "في كل واحد من قلب بني آدم شعبة فمن تبع قلبه تلك الشعاب لم يبال الله في أي واد أهلكه". انتهى فصل
علامة [الاستقامة](¬1) في الشيء إدامته مع السلامة فيه، وحصول نتائجه؛ فمن كان متجردا وقد وجد الراحة من الناس بتجريده، والسلامة منهم في دينه، والعيشة الكافية في دنياه من وجه حلال ولو على خلاف(¬2) لم يطرح قوله؛ فهذا مقام في التجريد لا يصلح(¬3) له الرجوع إلى الأسباب. [و]من لم يجد ذلك فليرجع إلى الله في أمره ويتوجه لما تيسر عليه من الأسباب السالمة من المعاصي وإن كانت مانعة من كثير من النوافل.
ومن كان متسببا وقد وجد عفافا بسببه وسلامة من المعاصي والدعاوي مع توكله على مولاه في كل [أمره](¬4) فهو مقام في الأسباب لا يصلح(¬5) له الخروج عنها بحال؛ فإن انعكس أمره جاز له التوقف(¬6) مع الله بعد(¬7) دوام الاستخارة وكثير الاستشارة.
وما مثل المتجرد والمتسبب إلا كعبدين لملك قال لأحدهما: اعمل وكل، وقال للآخر: الزم أنت حضرتي وأنا أقوم لك بقسمتي، فمتى أراد واحد منهما(¬8) الخروج عن مرتبته عوقب بنقيض مقصوده كما اتفق لبعض الصالحين قال: كنت أتمنى رغيفين كل يوم وأتفرغ للعبادة فسجنت فكان يؤتى لي كل يوم برغيفين ففكرت في أمري فقيل لي: إنك سألت الرغيفين ولم تسأل العافية، فاستغفرت فأخرجت في الوقت؛انتهى [بمعناه].
صفحہ 4
فصل
ومن الآفات في الأسباب:
طلبها بغير وجه أبيح كبيع الغرر والخطر في ثمن أو مثمون أو أجل بحيث يكون الكل مجهولا، أو بعضه مجهول وبعضه معلوم.
وبياعات الربا كبيع الطعام بالطعام إلى أجل ولو قل؛ وبالتفاضل مع اتحاد الجنس؛ واقتضاء الطعام من ثمن الطعام؛ والجهل في المزارعة ونحوها كشركة الخماس بغير أصل له في ذلك.
فيتعين على المتسبب البحث(¬1) عما هو به من تسببه واستعمال ما قدر عليه من غير تقصير ولا ترك.
وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كراء الأرض بما تنبت، وعن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، وعن بيعتين في بيعة، وعن سلف جر منفعة، إلى غير ذلك(¬2). وخرج مسلم في صحيحه: "الذهب بالذهب والفضة بالفضة والقمح بالقمح والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح ربا إلا مثلا بمثل يدا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد"، انتهى على شك في لفظه.
وقد جمع ابن جماعة في هذا المعنى مقدمة يتعين على كل متدين تحصيلها وشرحها القباب [رحمه الله] شرحا عجيبا، وبالله التوفيق.
صفحہ 5
فصل
من الوجه(¬1) القبيح طلبه علم الكيمياء والكنوز لما فيها من الخطر دينا ودنيا:
أما الدنيا فالتعرض للتهم بالتدليس وغيره [مما] ربما أدى إلى تسليط الظلمة واتساع المقال وربما أدى إلى القتل؛ والدنيا عند العاقل أقل من أن يبذل فيها عرضه فكيف بنفسه ودينه.
وأما في الدين فإن تلك المناحي التي ذكرها أهل الفن الأول محرمة كلها، منها: حرق الشعر(¬2) مثلا، وكون العمل لا يصح إلا بعد دخول السموم عليه فربما عمل في بعض الأدوية فقتل، [و]أيضا [فالأمن](¬3) من انقلاب العمل بعد صحته ممتنع. ثم من شرط تصريفه عند أهل [الدين] البيان(¬4)، فإن بين الإنسان ربما هلك، وإن لم يبين أكل حرما.
وبالجملة فلا يطلب ما ذكرناه إلا قليل العقل قليل الدين قليل المروءة؛ وقد حقق هذه الجملة ابن الحاج في مدخله فلينظر، وإلا فيما ذكر كفاية والسلام.
صفحہ 6
فصل
يتعين على المتسبب والمتجرد أن يعتقدا(¬1) ويجزما بأن ما هما فيه عمارة لهذه الدار لا تسبب في شيء من دين أو(¬2) دنيا فإن الله قد تكفل بالأرزاق، وإنما أقام الأسباب إثباتا للحكمة وعمارة لهذه الدار(¬3) التي أراد فيها امتحان عباده(¬4)؛ فمن تحقق ما ذكرناه لم يحزن على مافاته لثقته بمولاه ولا يفرح بما أتاه لأنه يعلم أنه ليس له، ويحسب ذلك(¬5) فلا يذم مانعا ولا يمدح معطيا إلا من حيث أمره الله ولا يحسد أحدا ولا يكابره، وينتفي عنه الطمع وجميع الرذائل.
وقد أوجب الله تعالى:
شكر من أحسن إليك وجعل فيه تحقيق شكره، فاشكر العباد لله(¬6) لا لحال من أحوال نفسك.
وسؤال(¬7) رزقك من الله وإن(¬8) كان لك ألف سبب، إذ لو سلط عليك كلب الجوع(¬9) ما كان يغني عنك الطعام، [و]لو سلط عليك حمة باردة ما تغني عنك الثياب، ولو لم يفتح لك فيمن يقوم بأسبابك ما كان ينفعك العمل والكلام فارجع إلى الله(¬10) تعالى على كل حال؛ والسلام.
صفحہ 7
فصل
ومن النصيحة لله تعالى تعلق القلب به في كل حال، فلا(¬1) تسأل حوائجك قلت أو جلت إلا منه مع كونه "ناظرا فيما تطلب لما يختار لك لا"(¬2) ما تختار لنفسك لأنه يخلق ما يشاء ويختار ويعطي ما يريد كما يريد متى يريد لا حجر عليه في أفعاله؛ وإنما الدعاء عبودية اقترنت بالحاجات كاقتران الصلاة بوقتها؛
وقد قال الشيخ أبو محمد عبد العزيز المهدوي - رضي الله عنه - : من لم يكن في دعائه تاركا لاختياره راضيا باختيار الله فهو مستدرج وهو ممن قيل له: اقضوا حاجته فإني أكره أن أسمع صوته، فإن كان مع اختيار الله تعالى لا مع اختياره لنفسه كان مجابا وإن لم يعط، والأعمال بخواتمها.
وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلي - رضي الله عنه - : إذا أردت الدعاء فقدم إساءتك بين يديك وقل: يا رب بلا شيء؛ وقال أيضا: لا يكن(¬3) همك من دعائك قضاء حاجتك فتكون محجوبا، وليكن همك مناجاة ربك.
وفي الحكم: لا يكن طلبك تسببا إلى العطاء منه فيقل همك عنه، وليكن طلبك لإظهار العبودية وقياما لحقوق الربوبية، كيف يكون طلبك اللاحق سببا في عطائه السابق، جل حكم الأزل أن ينضاف إلى العلل، انتهى.
صفحہ 8
فصل
ينبغي أن يراعى بالدعاء أوقات الإجابة كالسحر والسفر والأذان وعند الإقامة(¬1) واستواء الصفوف وتوافق الصفين في الجهاد ونزول المطر وعند صعود الإمام المنبر يوم الجمعة وآخر ساعة منها ويوم عرفة ومتى وجد الرقة وبين جلالتي الأنعام. قال البلالي: وهو مجرب الإجابة.
وقال أيضا: شروطه(¬2) الإخلاص وسؤال لايؤبه بعلمه بلا إثم؛ وأركانه التوبة(¬3) والورع، "وقد غذي بالحرم أنى يستجاب لذلك" الحديث رواه مسلم، انتهى.
ولا ينبغي أن يناجي الوقت بمخالفة ما يجده في باطنه من دعاء أو تعريض أو تسليم أو جمع أو إفراد بل يعمل بما تيسر كيف تيسر ولا يعتبر في طلبه نفسه إذ لا يليق به شيء من حيث هو بل يعمل بقوله - عليه السلام - : "إذا سألتم الله فعظموا المسألة فإن الله لا يتعاظمه شيء فقالوا: إذا نكثر يا رسول الله قال: الله أكثر"؛ وقال عليه السلام: "إن الله يحب الملحين في الدعاء"، وقال - عليه السلام - : "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول: دعوت فلم يستجب لي" انتهى.
صفحہ 9
فصل
ومن النصيحة(¬1) لله دوام ذكره بالقلب والجوارح، فإن لم يجتمعا فلا يهمل العبد ما قدر عليه، فقد قيل لبعضهم: ما لنا نذكر الله باللسان والقلب غافل قال: اشكروا الله على ما وفق من ذكر اللسان ولو جرى مكانه الغيبة ما تصنع، ثم قال: والله أكرم من أن يخص العبد بلسانه ثم لا يمن عليه بحضور قلبه وأنشدوا:
لو علمنا أن الزيارة حق # لفرشنا الطريق بالمرجان
وقال أيضا: أكثروا من ذكره فإن ابتليت بصحبة قوم في دار البوار قلت كان لي وقت أذكره فيه.
وفي الحكم: لا تترك الذكر لعدم حضورك مع الله فيه، فإن غفلتك عن وجود ذكره أشد من غفلتك في وجود ذكره، إلى آخره.
صفحہ 10
فصل
ومن النصيحة لله موالاة من والاه ومعاداة من عاداه مع الشفقة للجميع من حيث إنهم عباده كما قيل:
ارحم بني جميع الخلق كلهم # وانظر إليهم بعين الرحمة والشفقة
ووقر كبيرهم وارحم صغيرهم # وراع في كل خلق حق من خلقه
وقد صح: "من آذى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة" وكل مؤمن يمكن أن يكون وليا بل هو ولي لقوله تعالى { ولي الذين آمنوا } .
فوجب أن تلقى المؤمنين كلهم بالنية وتحكم عليهم بالعلم، فمن وجدته متبعا للسنة اقتديت به، ومن انتسب إلى جانب الله عظمته لأجل نسبته وإن كاذبا لأن الحق سبحانه غيور على جنابه(¬1) أن يهتك. فإن وقع من المتسبب ما يوجب نكيرا أنكرناه وعذرناه [بالبشرية] فلا ينقص اعتقادنا فيه ولا نترك حق الله لأجله؛ والقائم بحق الله مأجور والمنتصر لدين الله منصور.
ويسلم لمن ظهرت عليه آثار الولاية فيما يباح بوجه كأخذ مال أو قتل ونحوه في مرة إن لم يتعين الحكم، ولا يسلم له فيما لا يباح بوجه كإدمان الخمر والزنا وإتيان اللواط ونحو ذلك بل هو فاسق به أو عاص.
ومن فقد له، وفاقد عقل المعاش لمعنى إلاهي دلت عليه آثاراته يعظم لما قام بقلبه وله(¬2) حكم المجنون في حاله إذ لا يميز ما يوقع به العبادات ونحوها، وإنما هو كالبهيمة في العالم بخلاف المعتوه الذي قويت الخيالات الوهمية فإنه يطرح ظاهرا وباطنا نسأل الله العافية بمنه.
صفحہ 11
فصل
ومن الفطرة خمس:
أولها: قص الشارب، يعني ما استطال منه على الشفة لأكله، وفي حقه حديث: فانبغى الجمع.
الثاني: نتف الإبط، ويجوز إحفاؤه وإزالته بالنورة ولكن السنة النتف، ويذكر أن الصبي متى حلب على جناحيه من حليب أمه لم يكن فيه رائحة، والله أعلم.
الثالث: حلق العانة لا نتفها فإنه يؤدي إلى الاسترخاء والعنه، وكذلك النورة، وربما كان من حق الزوجة فيمنع.
الرابع: تقليم الأظفار ؟؟؟ ويبدأ بالسبابة اليمنى ثم كذلك حتى يختم بإبهام اليمنى، وقيل يبدأ بالخنصر ثم يخلف واحدة بعد واحدة حتى يختم، قيل وهو أمان من الرمد. وأما الرجلان فيبدأ بخنصر اليمنى ويختم بخنصر اليسرى لأنهما كالبسيطة.
وينبغي أن يتفقد جسده بهذه الخصال في كل جمعة ولا يجاوز أربعين يوما في الغفلة عنها فإن فيها خاصية ضيق العيشة. ويتقي بتقليمه السبت والأحد والثلاثاء والأربعاء لحديث روي في ذلك.
الخامس: الختان، وهو أكبر من سنن الإسلام، وينبغي أن يؤخر بالصبي حتى يعقل ما يراد به ولا يعجل فإنها سنة اليهود إلا من ضرورة؛ والله أعلم.
صفحہ 12
فصل
من حق المسلم على المسلم خمس:
يسلم عليه إذا لقيه؛ ويشمته إذا عطس؛ ويجيب دعوته؛ ويبر قسمه؛ ويحضر جنازته.
فأما السلام: فالابتداء [به] سنة، ورده واجب، فيجزئ الواحد عن الجماعة ردا وابتداءا؛ ولا يسلم على أهل الذمة فإن سلموا رد "وعليكم" كما فعل - صلى الله عليه وسلم - .
ويسلم الراكب على الماشي؛ والماشي على الجالس؛ والصغير على الكبير؛ والقليل على الكثير؛ والعبد على الحر، والمرأة حيث يباح لها على الرجل؛ والهابط على الطالع؛ واللاحق على الملحق؛ والداخل على المدخول.
وسبعة لا يسلم عليهم: الآكل، والمؤذن، والقارئ، والملبي، والشابة، وقاضي الحاجة، ومرتكب الكبيرة حالها؛ وقال النخعي في الحمام: إن كانت عليهم مآزر يسلم وإلا فلا يسلم. واختلف في السلام على لاعب الشطرنج وكذلك البوابين ونحوهم من أهل الظلمة إلا أن يؤدي ذلك إلى ضرر فيسلم تقية لا تدينا، وبالله التوفيق.
وأكثر ما يتنهي السلام إلى البركة ولا ينبغي أن يبالغ الابتداء به لئلا يشق على الراد إذ يجب أن يرد مثل ما سمع لقوله تعالى { وإذا حييتم بتحية.. } الآية.
صفحہ 13
فصل
وأما تشميت العاطس: فإنما يجب إذا سمعته يحمد الله أن تقول: "يرحمك الله" ويقول: "يهديكم الله ويصلح بالكم" في جواب قوله أو يقول: "يغفر الله لنا ولكم"، إلا أن يكون المشمت ذميا فيرد عليه بالأول فقط إذ لا يدعى له بالمغفرة.
ولا يجزئ أحد عن أحد في التشميت لأن مقصوده الدعاء، وقيل يجزئ الواحد عن الجماعة كالسلام. وقيل قراءة الفاتحة عند سماع العاطس إما زمن وجع الخاصرة.
ولا يجب تنبيه ناسي الحمد في عطاسه ولا تشميت تاركه أو من لم يسمع منه؛ والله أعلم.
صفحہ 14
فصل
وأما إجابة الداعي فقد قال - عليه السلام - : "من لم يجب فقد عصى أبا القاسم"؛ وفي الصحيح: "من دعي فليستجب وإن كان صائما فليصل لهم" أي فليدع لهم. قال العلماء: إذا لم يكن هناك لهو مشهور ولا منكر معروف كالمزمار واجتماع النساء والرجال إلى غير ذلك. فأما فرش الحرير ونحوها فلا يجوز له الجلوس عليها ولا يمنع من الإجابة لأجلها إلا أن يكون تخلفه موجب لترك ما هنالك فيتعين، أو يكون ممن ينتحل الورع فيراعى حاله؛ والله أعلم.
صفحہ 15
فصل
وأما إبرار قسمه: ففي كل مباح وما كان في معناه مما لا ينكره العلم؛ وقد قال مالك فيمن حلف لرجل ليفطرن في صوم التطوع أنه لا يفطر ويحنثه، وقس على هذا ما بعده إلا أنهم قالوا في الشيخ والولد يجوز له الإفطار؛ والله أعلم.
صفحہ 16
فصل
وأما حضور الجنائز والصلاة عليها: ففضلها كثير ولكن ينبغي مراعاة السنة فيها فلا يحضر جنازة فيها منكر من صراخ ونياحة وحضور نساء وحلق وصلق(¬1) ولباس حزن ونحو ذلك.
قال في الرسالة: "والمشي أمام الجنازة أفضل"؛ قال بعض الشيوخ: إلا أن خلفها داعيا للعبرة فلا بأس لمن لا يقتدى به أو يعلم مقصوده.
ولا يتبع الجنازة بنار ولا غيرها، ويسرع بها، فقد خرج عمر - رضي الله عنه - مع جنازة فلم يسرعوا فقال: أسرعوا وإلا رجعت.
وزيارة المقابر: سنة، وهو أن يأتي المقابر فيقول: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون" ثم يدعو وينصرف.
واستحب بعض العلماء القراءة لما صح فيها من المرائي المبشرة بوصولها. ولا ينبغي أن يقرأ بآية عذاب ولا أمر ولا نهي ليلا تكون حجة على الميت.
والصدقة والدعاء واصلان باتفاق.
وزيارة موتى الصالحين مرغب فيها؛ وآدابها بعدما تقدم: أن يأتي من عند رجلي القبر حتى يأتي إلى مقابلة وجهه فيقرأ ويدعو وينصرف، ولا يتمسح بالقبر فإنه من فعل النصارى؛ ولا يصلي تبركا لقوله - عليه السلام - : "اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم وصلحائهم مساجد".
صفحہ 17
فصل
الاستئذان واجب في كل بيت يخاف منه الاطلاع على عورة، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إنما جعل الإذن من أجل البصر".
واختلف في الأعمى والزوج: فقيل يكره لهما ترك الاستئذان وقيل يجوز، وكان ابن مسعود يتنحنح لئلا يجد في بيته ما يكره.
والاستئذان: أن يسلم ثلاثا فإن أذن له وإلا رجع، وقيل يزيد مع التسليم "أدخل".
ولا يكفي رؤية العين، والصغير ونحوه من أهل البيت كاف في الإعلام، فالإذن وجوابه أن يسأل: "من أنت؟" أن يقول: "فلان" لا أنه يقول "أنا" فإن ذلك إيهام. ولا ينادي من خلف الباب "يا فلان" فإن ذلك فعل من لا عقل له، ولا مروءة.
والاستئذان بالتسبيح ليس من السنة بل هو ترك لها، وربما كان من البدع المضلة نسأل الله العافية.
صفحہ 18
فصل
نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتناجى اثنان دون واحد، قال العلماء - رضي الله عنهم - وكذلك الجماعة إذا خرج واحد منهم، ولا بأس بمناجاة جماعة دون جماعة.
صفحہ 19
ونهى عمر عن رطانة الأعاجم، وقال: "إنها خب" يعني نوع خيانة إذا حضر من لا يعرفها، ومن هذا النوع كلام القبائل بلغتهم بحضور من لا يفهم ذلك، وهو نوع من التناجي وقد قال تعالى { إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا } الآية فصل
ومن السنة إكرام الشعر بالدهن والمشط ونحوه؛ ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن القزع وهو حلق بعض و[ترك](¬1) بعض؛ وأمر أن تعفى اللحية وتوفر؛ ولم يكن من فعل السلف حلق ما تحت اللحية لكنه يستعمل للزينة وللفرق بيننا وبين قوم يرون تحريم حلقه مع خروجهم في أمور عن الحق؛ ونهى عن نتف شعر الأنف لأنه يورث الجذام قال البلالي رحمه الله: ويأخذ ما فحش من طول اللحية دفعا للغيبة، ويمنع لغير جهاد تسويدها وضده، ونتفها وزيادتها ونقصها ويكره تسريح وترك، ونطز وخضاب بلا قصد مشروع، ويحرم عقدها وظفرها؛ انتهى.
صفحہ 20