جامع ابو الحسن البسيوی

ابو الحسن البسیوی d. 364 AH
115

جامع ابو الحسن البسيوی

جامع أبي الحسن البسيوي جديد

اصناف

وقوله: {ويريد الذين يتبعون الشهوات} هم أهل المعاصي، أن تميلوا عن الحق ميلا عظيما، فلم يبلغ أهل المعاصي ما أرادوا من اتباعهم للمؤمنين في المعاصي والميل، وقد بطلت إرادة أهل الميل /81/ عن الحق، إذ كانت إرادة النبيين للحق، وقد بين ذلك. فالله تعالى قد أراد ميل أهل الأهواء والشهوات عن الحق معصية لا طاعة، ولم يرد ميلهم طاعة له في ذلك.

فإن قال: فقوله: {يريدون ليطفؤوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون} وقد صدق الله أنه متم نوره وهو الإيمان، وقد أتمه ولم تنفذ إرادة من أراد إطفاء الإيمان بأفواههم، وقد كان ذلك الذي أرادوه في علم الله قبيحا، ولم يرده طاعة، ولا تشبه إرادة الله بإرادة خلقه.

مسألة: [في قوله: {كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها}]

- وسأل عن قول الله: {كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها}، وقال: {كره الله انبعاثهم فثبطهم}، فأخبر أنه كره المعاصي، فعلمنا أنه لا يريدها، ولا يجوز أن يريد ما يكره، كما لا يريد ما يسخط.

قيل له: جواب ذلك أنه لا يريد ما يكره طاعة له، وإنما أراد ما كره معصية ممن أتى بالمكروه وعصاه ولا يرضى ما يسخط، فلا تستقيم له حجة في ذلك؛ لأن رضاه جنته وسخطه عقوبته، فلا ترجع الجنة نارا ولا النار جنة، ولا الرضى سخطا ولا السخط رضى، ولا الثواب عقابا ولا العقاب ثوابا. وقد علم الله أهل الرضى وأهل السخط وأهل الثواب وأهل العقاب، وقد مضى الجواب في ذلك على ما أراد وعلم |الله| تعالى.

فإن احتج فقال: وما يدل على أن الله يريد الكفر والفجور؛ لأن المريد لشتمه سفيه غير حكيم، فلما كان الله حكيما علمنا أنه لا يريد شتمه.

صفحہ 115