جامع ابو الحسن البسيوی
جامع أبي الحسن البسيوي جديد
اصناف
قيل له: معنى ذلك: من أمر الصوم رخص للمريض وللمسافر أن يفطرا في شهر رمضان، وقال في كتابه: إنه يريد بهم اليسر /73/ في التخفيف عليهم، ولم يرد بهم العسر (الشدة) في تكليف المريض والمسافر الصوم، فكان من إرادته التخفيف، ولم يكن في إرادته العسر في التكليف، وليس ذلك مما يدل على أنه مريد بإرادة هي غيره؛ لأنه قال: {يريد} فهو المخاطب بأنه المريد لذلك، كما أنه العالم بذلك وبما أنزل.
فإن قال: الله يوصف بالقدرة على الإرادة وضدها.
قيل له: وكيف ذلك؟
فإن قال: يريد ولا يريد.
قيل له: ليس ذلك ضدا فيما ذكرت، إنما يخرج معنى الضد أنه إذا لم يقدر أن يريد وصف بضد ذلك، وهو العجز والسهو، وذلك عن الله منفي.
فأما يريد ولا يريد كقوله: {أتنبئون الله بما لا يعلم}، ولا يكون شيئا إلا بعلمه، وإنما أراد أتنبئون الله بخلاف ما يعلم، كذلك قوله: يريد ولا يريد، إنما هو يريد كون ما علم أنه يكون، ولا يريد كون ما علم أنه لا يكون، فليس لهم في هذا حجة، والحمد لله على كل حال.
مسألة: [في الإرادة]
- وسأل فقال: إن قال قائل: لا يصح أن يكون الله مريدا ولا مرادا؛ لأن معنى مريد هو أن يريد المراد، فإذا لم يكن يريد المراد، فإنما يكون على التمني والعزم، ولا يجوز أن يوصف الله تعالى بالتمني، فإذا لم يجز ذلك لم يجز أن يكون الله يريد ولا يكون المراد.
قيل له: وليس هذا له حجة أيضا، بل هو الله المريد لكون المراد في الوقت الذي أراد وعلم أنه يكون فيه، وإن لم يرد كون المراد كله في الوقت.
والمريد القادر العالم إذا أراد كون ذلك كما علم في الوقت الذي أراد كونه فيه، وهو المريد لكونه، والعالم والقادر على كونه كما علم لم يزل تعالى.
صفحہ 103