جامع ابن برکہ ج1
جامع ابن بركة ج1
اصناف
أجزأه ذلك الغسل، ولاحتاج أن يغتسل ثانية، فهذا يدل على أن المقصد في ذلك رفع الحدث، كما كان ذلك فيما ذكرناه والله أعلم.
وإذا نوى فتوضأ ثم عزمت نيته أجزأته نية واحدة، ما لم ينقلها فيحدث مع الفعل أنه يتبرد بالماء أو يتنظف به. فإن قال قائل: إذا كان الوضوء عندكم لا يجزي إلا بنية، فلم لايحتاج الإنسان إلى دوام النية إلى أن يفرغ من الفعل الذي كان له ينوي؟ وما الفرق بين أوله وآخره؟ قيل له: إذا نوى الطهارة في حال مباشرة الفعل لها فليس عليه ذكر ذلك إلى أن يفرغ منها؛ لأن توقي النسيان إلى أن يفرغ من الفرض لا يمكن، وتلحق فيه مشقة، ألا ترى أن الصوم لا يجزئ إلا بنية، ثم ينسى صاحبه وينام ويأكل ناسيا ولا يضره ذلك. وكذلك لا يجوز له الدخول في الصلاة إلا بنية، ثم قد ينسى ويسهو ولا يضره ذلك إذا عرض له ما ذكرناه باتفاق؛ لأن استدامة ذلك إلى أن يفرغ من الفرض يشق ويؤدي (¬1) إلى بطلان الفرائض والله أعلم. وقد روي عن النبي صلى الله عليه سلم أنه قال: ( لا صيام لمن يثبت الصيام من الليل)، (¬2) فأجاز تقديم النية في الصيام والطهارة، كذلك عندي والله أعلم.
غير أن نية الطهارة مع الدخول فيها، وكذلك النية في الصلاة والزكاة والحج مع الفعل لذلك، والنية للصيام وقتها أبعد، وكان التقدير في الصيام كغيره، غير أن الصيام وقته طلوع الفجر وهو وقت لا تتهيأ لأكثر الناس ضبطه، ولأن أكثر الناس فيه نيام. فلو أخذوا أن يكونوا في الوقت متأهبين (¬3) لشق عليهم مراعاة وقتهم ولحقهم في ذلك ضرر شديد. فإذا نوى فهو على نية، وعليه استصحابها، واستصحابه لها هو أن لا ينقلها إلى غير ما دخل فيه ونواه، وبالله التوفيق.
مسألة
¬__________
(¬1) في(ج) يؤدي.
(¬2) رواه مسلم وأحمد البخاري.
(¬3) في (ب) و (ج) متهيين.
صفحہ 220