فإن قال قائل: فلم لا يجوز للمؤمن أن يصوب الكفار ويظهر الرضى بدينهم ليخلص به المال لجاز لمن له دين على الكفار أو أحد من ملل (¬1) المشركين لا يقدر على استخراجه من أيديهم إلا أن يظهر لهم الموافقة في دينهم، وأن يقول: دينكم هو الحق ودين من خالفكم هو الخطأ، ليستخرج بذلك ماله منهم وهذا مالا أعلمه يجوز في قول أهل العلم. فإن قال: أليس (¬2) قد أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم للحجاج بن عياض لما استأذنه في الذهاب إلى مكة ليقول في النبي ما يرضي الكفار به ليستخرج ماله من أيديهم ودينه الذي كان له عليهم فأذن له على ذلك؟ قيل له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأذن للحجاج في القدح في الرسول، ولا بالقدح في الإسلام ليستخرج بذلك ماله منهم، وإنما أذن له بأن يرضيهم بالقول في النبي صلى الله عليه وسلم إذا خاف على نفسه منهم القتل إذا وصل إليهم ليستخرج ماله (¬3) . فإن قال: فإن كلفه الجبار أن يجي له الخراج من الناس؟ قيل له: عليه أن يهرب منه إن قدر على فعل ذلك، فإن فعل شيئا من ذلك كان ظالما ضامنا شادا على عضده، فإن قال: فإن الجبار أمره بضرب رجل أو قتله، وقال له: إن لم تقتله قتلتك؛ هل أن يجي نفسه بهذا الفعل؟ قيل له: ليس أن يجي نفسه بتلف غيره، ولا يفدي النفس بمثلها، وإنما يجوز أن يفديها بدونها، فإن قال: فإن أخذه الجبار بشرب الخمر أو الميتة أن يأكلها، هل له فعل ذلك؟ قيل له: نعم إذا خاف على نفسه؛ لأن الله جل ذكره قد أباح ذلك في الاضطرار بقوله عز وجل: ? { فمن اضطر في محضة غير متجانف لإثم } (¬4) ، وقال عز وجل: { ?فمن اضطر غير باغ ولا عاد } (¬5) ،
¬__________
(¬1) في (ج) ملك.
(¬2) في (أ) ليس.
(¬3) رواه مسلم وأبو داود.
(¬4) المائدة: 2.
(¬5) الأنعام: 145 " فمن اضظر غير باغ فإن ربك غفور رحيم" ، " فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم " النحل 115..
صفحہ 125