جمهرة الأمثال | 1 |
صفحہ 1
بسم الله الرحمن الرحيم
أحمد الله حمد الشاكرين وأشهد بوحدانيته شهادة العارفين وأقر بإحسانه في إيضاح السبيل وإقامة الدليل وتوكيد الحجة وتبيين المحجة إقرار الخاضعين
وأثني عليه بسالف نعمته وفارط منته في مثل ضربه ومثال نصبه لينتهى إليه العارف فيرشد ويهتدى بهديه فيتسدد ثناء المخلصين
ودل على فضيلة ذلك في محكم بيانه ومنزل فرقانه فقال جل ثناؤه
ﵟيا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا لهﵞ
وقال
ﵟوضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنةﵞ
وقال
ﵟويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرونﵞ
وقال
ﵟضرب الله مثلا عبدا مملوكاﵞ
وقال
ﵟإن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقهاﵞ
وقال
ﵟوضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكمﵞ
إلى غير ذلك مما أشار به إلى منافع الأمثال في متصرفاتها وحسن مواقعها في جهاتها
صفحہ 3
ونحن نسأل الله ان ينفعنا بها كما وقفنا عليها ويقيض لنا عائدتها كما رزقنا معرفتها وأن يصلى على رسوله الذي جعله واسطة بينه وبيننا فيها وفيما يهدينا ويأخذ بأيدينا منها ثم من سائر آياته المحكمات وحججه البالغات وعلى آله الطاهرين وعترته المنتجبين وأصحابه المختارين ويسلم تسليما
ثم إنى ما رأيت حاجة الشريف إلى شيء من أدب اللسان بعد سلامته من اللحن كحاجته إلى الشاهد والمثل والشذرة والكلمة السائرة فإن ذلك يزيد المنطق تفخيما ويكسبه قبولا ويجعل له قدرا في النفوس وحلاوة في الصدور ويدعو القلوب إلى وعيه ويبعثها على حفظه ويأخذها باستعداده لأوقات المذاكرة والاستظهار به أوان المجاولة في ميادين المجادلة والمصاولة في حلبات المقاولة وإنما هو في الكلام كالتفصيل في العقد والتنوير في الروض والتسهيم في البرد فينبغى ان يستكثر من انواعه لأن الإقلال منها كاسمه إقلال والتقصير في التماسه قصور وما كان منه مثلا سائرا فمعرفته ألزم لأن منفعته أعم والجهل به أقبح
صفحہ 4
ولما عرفت العرب أن الأمثال تتصرف في أكثر وجوه الكلام وتدخل في جل أساليب القول أخرجوها في أقواها من الألفاظ ليخف استعمالها ويسهل تداولها فهى من أجل الكلام وأنبله وأشرفه وأفضله لقلة ألفاظها وكثرة معانيها ويسير مئونتها على المتكلم مع كبير عنايتها وجسيم عائدتها
ومن عجائبها أنها مع إيجازها تعمل عمل الإطناب ولها روعة اذا برزت في أثناء الخطاب والحفظ موكل بما راع من اللفظ وندر من المعنى
والأمثال أيضا نوع من العلم منفدر بنفسه لا يقدر على التصرف فيه الا من اجتهد في طلبه حتى أحكمه وبالغ في التماسه حتى أتقنه
وليس من حفظ صدرا من الغريب فقام بتفسير قصيدة وكشف أغراض رسالة أو خطبة قادرا على ان يقوم بشرح الأمثال والإبانة عن معانيها والإخبار عن المقاصد فيها وإنما يحتاج الرجل في معرفتها مع العلم بالغريب إلى الوقوف على أصولها والإحاطة بأحاديثها ويكمل لذلك من اجتهد في الرواية وتقدم في الدراية فأما من قصر وعذر فقد قصر وتأخر وأنى يسوغ الأديب لنفسه وقد علم ان كل من لم يعن بها من الأدباء عناية تبلغه أقصى غاياتها وأبعد نهاياتها كان منقوص الأدب غير تام الآلة فيه ولا موفور الحظ منه
صفحہ 5
ولما رأيت الحاجة اليها هذه الحاجة عزمت على تقريب سبلها وتلخيص مشكلها وذكر أصولها وأخبارها ليفهمها الغبي فضلا عن اللقين الذكى فعملت كتابى هذا مشتملا منها على ما لم يشتمل عليه كتاب اعرفه وضمنته إياها ملخصة لا يشينها الإهذار ولا يزرى بها الإكثار ولا يعيبها التقصير والإفلال منظومة على نسق حروف المعجم ليدنو مجتناها ويسهل مبتغاها
وميزت ما أورد حمزة الأصبهانى من الأمثال المضروبة في التناهى والمبالغة وهي الأمثال على أفعل من كذا فأوردت منها ما كان عربيا صحيحا ونفيت المولد السقيم ليتبرأ كتابى من العيب الذي لزم كتاب حمزة في اشتماله على كل غث من أمثال المولدين وحشوة الحضريين فصارت العلماء تلغيه وتسقطه وتنفيه
ويجرى في خلال ما فسرت منها ومن غيرها حكايات وأشعار تصلح أن تكون امثالا وكتبت بإزائها من الحاشية ميما لتتميز مما يجاورها فتؤخذ وتستعمل في المواضع التى تصلح لها
وما توفيقنا الا بالله عليه نتوكل وبه نستعين وهو حسبنا ونعم الوكيل
صفحہ 6
نبدأ بذكر اشتقاق المثل فنقول أصل المثل التماثل بين الشيئين في الكلام كقولهم ( كما تدين تدان ) وهو من قولك هذا مثل الشيء ومثله كما تقول شبهه وشبهه ثم جعل كل حكمة سائرة مثل
وقد يأتى القائل بما يحسن ان يتمثل به الا أنه لا يتفق أن يسير فلا يكون مثلا
وضرب المثل جعله يسير في البلاد من قولك ضرب في الأرض اذا سار فيها ومنه سمى المضارب مضاربا
صفحہ 7
ويقولون الأمثال تحكى يعنون بذلك انها تضرب على ما جاءت عن العرب ولا تغير صيغتها فتقول للرجل ( الصيف ضيعت اللبن ) فتكسر التاء لأنها حكاية & الباب الأول فيما جاء من الأمثال في أوله ألف أصلية أو مجتلبة &
فهرسته
إن من البيان لسحرا
إن مما ينبت الربيع لما يقتل حبطا أو يلم
إياكم وخضراء الدمن
أول العى الاحتلاط
أفرط فأسقط أسوأ القول الإفراط
أحق شيء بسجن لسان
إذا سمعت بسرى القين فإنه مصبح
أساء سمعا فأساء جابة
أشبه امرا بعض بزه
إليك يساق الحديث
أبدى الصريح عن الرغوة
أفرخ القوم بيضتهم
أبى الحقين العذرة
أعن صبوح ترقق
إياك أعنى فاسمعى يا جارة
أنجز حر ما وعد
أزمت شجعات بما فيها
إن كنت ريحا فقد لا قيت إعصارا
ألوى بعيد المستمر
إن يبغ عليك قومك لا يبغ القمر
أمكرا وأنت في الحديد
إبن الأيام
الغزو أخرق
إنما يضن بالضنين
أطرى فإنك ناعلة
اكذب نفسك إذا حدثتها
أودى العير الا ضرطا
أعييتنى بأشر فكيف بدردر
أرنيها نمرة اركها مطرة
استنوق الجمل أنصف القارة من راماها أضئ لى أقدح لك اسق رقاش إنها سقاية
إنما يجزى الفتى ليس الجمل
انصر أخاك ظالما أو مظلوما
إن بنى صبية صيفيون
أينما أوجه ألق سعدا
أشبه شرج شرجا لو ان أسيمرا
اذا نزا بك الشر فاقعد
اذا ارجحن شاصيا فارفع يدا
اذا عز أخوك فهن
اذا لم تغلب فاخلب
الا حظية فلا أليه
إن في الشر خيارا
إلى أمه يلهف اللهفان
صفحہ 8
إنما يعاتب الأديم ذو البشرة
أكلت يوم أكل الثور الأسود
أبصر وسم قدحك
إن الشفيق بسوء الظن مولع
أتاك ريان بلبنه
استكرمت فاربط
اطلب تظفر
الق دلوك في الدلاء
احلب حلبا لك شطره
أنا غريرك
أتعلمنى بضب أنا حرشته
اعط القوس باريها
أفواهها مجاسها
أراك بشر ما أحار مشفر
أنجد من رأى حضنا
أن ترد الماء بماء اكيس
اشتر لنفسك وللسوق
أمر مبكياتك لا أمر مضحكاتك
إذا أردت المحاجزة فقبل المناجزة
إن الموصين بنو سهوان
أعندى أنت أم في العكم
أعندى أنت أم في الربق
أفرخ روعك
أخذنا في الدوس
احذر الصبيان لا تصبك بأعقائها
أعور عينك والحجر
اتخذ الليل جملا
أجر الأمور على أذلالها
ارض من المركوب بالتعلق
اصنعه صنعة من طب لمن حب
أتبع الفرس لجامها
أو ردها سعد وسعد مشتمل
أهون السقى التشريع
الا ده فلا دة
اسق أخاك النمرى
أخلف رويعيا مظنه
أسائر اليوم وقد زال الظهر
آخر الداء الكى
اذا نام ظالع الكلاب
أرسل حكيما ولا توصة
أرغوا لها حوارها تقر
أحشفا وسوء كيلة
أغدة كغدة البعير
أغيرة وجبنا
إذا ادعيت الباطل أنجح بك
إنك لا تجنى من الشوك العنب
اخبر تقله
أنا تئق وأنت مئق فكيف نتفق
إنك لا تشكو إلى مصمت
استنت الفصال حتى القرعى
إن هلك عير فعير في الرباط
اختلط المرعى بالهمل
اختلط الخاثر بالزباد
أحشك وتروثنى
أجع كلبك يتبعك
أساء رعيا فسقى
أجناؤها أبناؤها
إن ضج فزده وقرا
إن الجبان حتفه من فوقه
أفلت وانحص الذنب
أفلت بجريعة الذقن
أوسعتهم سبا وأودوا بالإبل
صفحہ 9
ارق على ظلعك واقدر بذرعك
إذا جاء الحين حار العين
أتتك بحائن رجلاه
إن الشقى وافد البراجم
اذا ما القارظ العنرى آبا
احس وذق
أشئت عقيل إلى عقلك
اتى أبد على لبد
إحدى لياليك فهيسى هيسى
إن الحماة أولعت بالكنة
اسع بجد أو دع
أضرطا وأنت الأعلى
آكل لحمى ولا أدعه لآكل
استه أضيق
آخر البز على القلوص
إيت فقد أنى لك
إن الشقى ترى له أعلاما
إن الشقاء على الأشقين مصبوب
استى أخبثى
است البائن أعلم
أصم عما ساءه سميع
است المرأة أحق بالمجمر
أريها السهى وترينى القمر
أرتعن أجلى أنى شئت
أرها أجلى أنى شاءت
أبى أبى اللبأ
اذا حككت قرحة أدميتها
است لم تعود المجمر
أنضج أخوك ثم رمد
استراح من لا عقل له
احفظى بيتك ممن لا تنشدين
الصق الحس بالإس
إن أضاخا منهل مورود
أطرقى أم عامر
إحدى حظيات لقمان
أضرطا آخر اليوم
اقلب قلاب
أم فرشت فأنامت
إنك من طير الله فطيرى
إن وجدت لشفرة محزا
أسمع جعجعة ولا أرى طحنا
إذا قطعن علما بدا علم
أسعد أم سعيد
أسمحت قرونته
أصيد القنفذ أم لقطة
انقطع قوي من قاوية
أبعد الوهى ترقعين وانت مبصرة
أومرنا ما اخرى
إن تنفرى فقد رأيت نفرا
انقطع السلا في البطن
أعرض ثوب الملبس
أعرضت القرفة
أوهيت وهيا فارقعه
اتسع الخرق على الراقع
أعذر من أنذر
آثرا ما
أول صوك وبوك
أعلم بها من غص بها
إن البها لها
أسرى عليه بليل
أمر دون عبيدة الو ذم
أنكحنا الفرا فسنرى
أنف في السماء واست في الماء
أودى درم
أحمق بلغ
أخوك أم الذئب
صفحہ 10
أنكحينى وأنظرى
إذا رأيت الريح عاصفا فتطامن
الأخذ سريط والقضاء ضريط
أخذه أخذ سبعة
أجن الله جباله
الله أعلم ما حطها من رأس يسوم
اطلع عليهم ذو عينين
اضطره السيل إلى العطش
أرخ يديك واسترخ إن الزناد من مرخ
أترك الشر كما يتركك
ألقى عليه بعاعه
أخذت الأرض زخاريها
أراه عبر عينيه
أباد غضراءهم
أعلاها ذا فوق
أرطى إن خيرك في الرطيط
أرنى غيا أزد فيه
أوجر ما أنا من سملقة
أرضى من العشب بالخوصة
البكرى أخوك ولا تأمنه
الأمور وصلات
إحدى بنات طبق
إنني لن أضيره إنما أطوى مصيره إن من ابتغاء الخير اتقاء الشر أخوك من آساك أحبب حبيبك هونا ما
أساف حتى ما يشتكى السواف
استقدمت رحالته
أدرك أرباب النعم
إنباض بغير توتير
أقصر لما أبصر
أول الحزم المشورة
التقى حلقتا البطان
أي الرجال المهذب
اطرقى وميشى
استغنت التفة عن الرفة
إن كنت بى تشد أزرك فأرخه
اسر وقمر لك
ابدأهم بالصراخ يفروا
احلب واشرب إمعة وإمرة
أصبح ليل
ألقى على يديه الأزلم الجذع
أعطاه إياه بقوف رقبته
أطرق كرى إن النعام في القرى
أبى العبد أن ينام حتى يحلم بربته
أنا من غزية
أهلك والليل
الإيناس قبل الإبساس
إن البغاث بأرضنا يستنسر
البس لكل حالة لبوسها
أخطأت استه الحفرة
أساء كارة ما عمل
إحدى نواده البكر
أصوص عليها صوص
إن سوادها قوم لي عنادها
أدنى حماريك ازجرى
اختلفت رءوسها فرتعت
ان الغنى لطويل الذيل مياس
صفحہ 11
فهرست الأمثال المضروبة في التناهي والمبالغة الواقع في أوائل أوصولها
الألف
آمن من الأرض
آمن من حمام مكة وآلف أيضا
آلف من غراب عقدة
آبل من مالك بن زيد مناة
آبل من حنيف الحناتم
آكل من حوت
أروى من حوت
آكل من سوس
آكل من الفيل ومن النار
آكل من ضرس
آلف من كلب
آلف من الحمى
صفحہ 12
التفسير
1 - قولهم إن من البيان لسحرا
أول من لفظ به النبي صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أبو القاسم عبد الوهاب ابن أحمد الكاغدى عن أبى بكر عبد الله بن حماد العقدى عن أبى جعفر أحمد بن الحارث الخزاز عن المدائنى عن مسلمة بن محارب عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمرو بن الأهتم أخبرنا عن الزبرقان فقال إنه مطاع فى أدنيه شديد العارضة مانع لما وراء ظهره
فقال الزبرقان يا رسول الله إنه ليعلم منى أكثر من ذلك ولكن حسدنى فقال عمرو والله يا رسول الله إنه لزمر المروءة ضيق العطن حديث الغنى أحمق الوالد لئيم الخال وما كذبت في الأولى ولقد صدقت في الأخرى رضيت فقلت بأحسن ما علمت وسخطت فقلت بأسوإ ما علمت
فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن من البيان لسحرا ) وذلك أول ما سمع
صفحہ 13
وأخبرنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد عن أبيه عن عسل ابن ذكوان قال قال أبو عبد الرحمن أذم البيان أم مدحه فما أبان أحد بشيء
فقال ذمه لأن السحر تمويه فقال إن من البيان ما يموه الباطل حتى يشبهه بالحق
وقال غيره بل مدحه لأن البيان من الفهم والذكاء
قال الشيخ أبو هلال رحمه الله الصحيح أنه مدحه وتسميته إياه سحرا إنما هو على جهة التعجب منه لأنه لما ذم عمرو الزبرقان ومدحه في حال واحدة وصدق في مدحه وذمه فيما ذكر عجب النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك كما يعجب من السحر فسماه سحرا من هذا الوجه
وقد أجمع أهل البلاغة على ان تصوير الحق في صورة الباطل والباطل في صورة الحق من أرفع درجات البلاغة وقد أحكمنا ذلك في كتاب صنعة الكلام
وقد روى هذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم من جهة أخرى ومعه زيادات توخيت من أجلها تكريره
حدثنا أبو أحمد قال حدثنا ابن أبي داود قال حدثنا معمر بن يحيى النيسابوري قال حدثنا سعد الجرمي قال حدثنا يحيى بن واضح قال حدثنا أبو جعفر النحوي عن عبد الله بن ثابت عن صخر بن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن جده قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إن من البيان لسحرا وان من الشعر لحكما وإن من العلم جهلا وإن من القول عيالا )
صفحہ 14
قوله ( إن من االعلم جهلا ) يعني تكلف العالم القول فيما يجهله
وقوله ( إن من القول عيالا ) يعني عرضك الكلام على من ليس من شأنه
والحكم الحكمة كقولك العذر والعذرة
وقيل يعني بقوله ( إن من البيان لسحرا ) أن البليغ يبلغ ببيانه ما يبلغ الساحر بلطافة حيلته في سحره
وتكلم بعضهم عن عمر بن عبد العزيز بكلام حسن فقال عمر هذا السحر الحلال فتصرف الشعراء في هذه اللفظة فقال بعضهم
( وحديثها السحر الحلال لو أنه
لم يجن قتل المسلم المتحرز )
( إن طال لم يملل وإن هي أوجزت
ود المحدث أنها لم توجز )
( شرك القلوب وفتنة ما مثلها
للمستهام وعقله المستوفز )
ولا نعرف في الحديث كلاما أحسن من هذا
وقال بعض المهالبة في المعتمد
( سيبقى فيك ما يهدى لساني
إذا فنيت هدايا المهرجان )
( قصائد تملأ الآفاق مما
أحل الله من سحر البيان )
( بها ينفى الكرى السارون عنهم
وتلهى الشرب أوتار القيان )
( بمعتمد على الله استجرنا
فصرنا آمنين من الزمان )
صفحہ 15
2 - قولهم إن مما ينبت الربيع لما يقتل حبطا أو يلم
أول من تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم
حدثنا أبو أحمد قال حدثنا إسماعيل بن يعقوب الصفارقال حدثنا زياد بن يحيى الحساني قال حدثنا ابن أبي عدي عن هشام بن يحيى أبي كثير عن هلال بن أبى ميمونة عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن مما اخاف عليكم ما يفتح لكم من زهرة الدنيا وزينتها ) فقال رجل يا نبي الله أو يأتى الخير بالشر فأرينا أنه ينزل عليه فقال ( أين السائل ) فكأنه حمده فقال ( إنه لايأتى الخير بالشر وإن مما ينبت الربيع لما يقتل حبطا أو يلم ) وهذا من أحسن الكلام وأوجزه وأفصحه لفظا وألطفه معنى
وهو مثل ضربه لمن أعطى من الدنيا حظا فألهاه الإشتغال به والاستكثار منه والحرص عليه ومجانبة القصد فيه عن إصلاح دينه فيكون فيه هلاكه كما أن الماشية اذا لم تقتصد في مراعيها حبطت بطونها فماتت أو كادت والحبط انتفاخ البطن ورواه بعضهم خبطا بالخاء وهو تصحيف
ونحو المثل قول النابغة
( اليأس عما فات يعقب راحة
ولرب مطعمة تعود ذباحا )
صفحہ 16
3 - قولهم إياكم وخضراء الدمن
هو من كلام النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا أبو أحمد قال حدثنا محمد بن الحسين بن سعيد بواسط قال حدثنا أحمد بن الخليل البرجلانى قال حدثنا الواقدى قال حدثنا يحيى بن سعيد بن حيان عن أبى وجزة يزيد بن عبيد عن عطاء بن يزيد الليثى عن أبي سعيد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إياكم وخضراء الدمن ) وهو النبت ينبت على البعر فيروق ظاهره وليس فى باطنه خير
وضربه مثلا للمرأة الحسناء فى منبت السوء وكره ذلك لأن عرق السوء ينزع
ومثله قول العرب إياكم وعقيلة الملح يعنون الدرة وهي تكون في الماء الملح
ومعناه النهى عن نكاح الحسناء في منصب السوء
وأنشد بعضهم قول زفر بن الحارث بعقب هذا الخبر وذكر أنه مثله
( وقد ينبت المرعى على دمن الثرى
وتقى خزازات النفوس كما هيا )
وقال غيره ليس هو منه في شىء قال ومعناه ان الدمنة هى الموضع الذى تبرك فيه الإبل فتبول وتبعر فيه فلا ينبت شيئا فإذا أصابته السماء وسفته الرياح أنبت فيقول إن ذلك الموضع قد ينبت بعد ان لم يكن ينبت فيتغير بالنبات وتبقى حزازات النفوس لا تتغير
صفحہ 17
قال الشيخ أبو هلال رحمه الله وهذا مثل قول صاحب كليلة لكل حريق مطفىء للنار الماء وللسم الدواء وللعشق البين ونار العداوة لا تخمد أبدا بشيء من الأشياء
وفى نحو ما تقدم قول الشاعر
( فلا يغرنك أضغان مرملة
قد يضرب الدبر الدامى بأحلاس )
وتقول العرب عرق السوء ينجث ولو بعد حين أي يستخرج منه ما هو كامن فيه
قال أكثم بن صيفى لا يغلبنكم الجمال على صراحة النسب فإن المناكح الكريمة مدرجة للشرف
وقال الشاعر
( فأدركه خالاته فاختزلنه
ألا إن عرق السوء لا بد مدرك )
4 - قولهم أول العى الاحتلاط
الاحتلاط الغضب ومعناه ان الرجل اذا عجز عن دفع خصمه بحجة قاطعة أظهر الغضب ليجعله سببا إلى التخلص منه
ولو وجه آخر وهو أنه إذا غضب عى عن الجواب وامتنع عليه الخطاب وأحضر الناس جوابا من لم يغضب
صفحہ 18
قالوا وأحزم الفريقين الركين والعاجز عن الجواب أيضا ربما تعلل بالضحك
وفي بعض الأمثال من عجز عن الجواب ضحك من غير عجاب
وقال عبد الجبار بن عدى قلت لعجوز من نصارى لخم لو تحنفت فقالت لو تنصرت قلت الحنيفية أقرب إلى الله قالت أقربها إليه أقدمها الذي أرسل به رسولا و أعطاه الحكم صبيا وأنطقه في المهد وليدا أثبت به الحجة ووكد به الهدية ولم يحوجه إلى نصر العشيرة
قال فضحكت تعجبا من قولها فقالت من عجز عن الجواب ضحك من غير عجاب
5 - قولهم أفرط فأسقط
هو مثل قوله النبي صلى الله عليه وسلم ( من كثر كلامه كثر سقطه )
أخبرنا أبو أحمد قال حدثنا على بن الحسين قال حدثنا الفضل بن عبد العزيز قال حدثنا محمد بن خليد قال حدثنا عبدة بن شبل الحنفى عن ابن عجلان عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه كثر كذبه ومن كثر كذبه كثرت ذنوبه ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به )
صفحہ 19
وقال بعضهم الصحيح أن عمر رضى الله عنه قال ذلك وروايته عن النبى صلى الله عليه وسلم وهم
أخبرنا أبو أحمد قال أخبرناابوبكر بن دريد قال حدثنا الحسن بن خضر قال حدثنا الحجاج بن نصير قال حدثنا صالح المزى عن مالك بن دينار عن الأحنف قال لى عمر يا أحنف من كثر ضحكه قلت هيبته ومن مزح استخف به ومن أكثر من شىء عرف به ومن كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه قل حياؤه ومن قل حياؤه قل ورعه ومن قل ورعه مات قلبه
ومن أمثالهم في النهى عن مفارقة التوسط في القول قولهم أسوأ القول الإفراط قال الله تعالى
ﵟوإذا قلتم فاعدلواﵞ
وقالت الحكماء لكل شىء طرفان ووسط ففى طرفه الأول شعبة من التقصير ومع الأخير بعض الإفراط وخيره وسطه
وأخبرنا أبو أحمد قال سمعت أبا الحسن الأخفش يقول سمعت أبا العباس أحمد بن يحيى ثعلبا يقول لا أعلم فيما روى في التوسط أحسن من قول أمير المؤمنين على رضى الله عنه عليكم بالنمرقة الوسطى فإليها يرجع الغالى وبها يلحق التالى
وقال حكيم الشعراء
( عليك بالقصد فيما أنت فاعله
إن التخلق يأتى دونه الخلق )
صفحہ 20
وقال آخر
( إن بين التفريط والإفراط
مسلكا منجيا من الإيراط )
قال الشيخ رحمه الله أي من الهلكة
والإفراط مذموم في كل شىء فمن أفرط في المدح نسب إلى الملق أو فى النصيحة لحقته التهمة
وقيل كثير النصح يهجم بك على كثير الظنة وإذا أفرط في سرعة السير قطع به
وقال النبى صلى الله عليه وسلم ( ألا إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى )
والعرب تقول شر السير الحقحقة وهى شدة السير
وقال المرار
( نقطع بالنزول الأرض عنا
وطول الأرض يقطعه النزول )
وإذا أفرط في الأكل والشرب سقم وإذا أفرط في الزهد منع نفسه ما أحل له فعذ بها من حيث لو نعمها لم يضره وإذا أفرط في البذل كان مبذرا وأرجع الأمر إلى الفقر وإذا أفرط في المنع كان بخيلا يذم بكل لسان ويحتقره كل إنسان ويشبه بالكلب فى دناءة نفسه وقصور همته
ولا يدخل الإفراط شيئا الا أفسده
صفحہ 21