جلیس صالح
الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي
تحقیق کنندہ
عبد الكريم سامي الجندي
ناشر
دار الكتب العلمية
ایڈیشن نمبر
الأولى ١٤٢٦ هـ
اشاعت کا سال
٢٠٠٥ م
پبلشر کا مقام
بيروت - لبنان
نفطت العَنْز وعفطت الضائنة، وهما مِنْهُمَا كالامتخاط والاستنثار من النّاس، فَكَأَنَّهَا قَالَتْ: لَمْ تدع لَنَا عَنْزًا وَلَا ضأنًا، وَمثل هَذَا قَوْلهم: مَالَه سَبَدٌ وَلَا لُبَد، يُرِيدُونَ شَاة وَلَا نَاقَة، وَقد يُقَالُ للصوف: لَبَد، والسّبد: الشّعْر، وَنَظِير هَذَا قَوْله: لَمْ تبْق لَهُ ثاغية وَلَا راغية أَي شَاة وَلَا بعير، فالثغاء صَوت الْغنم والرغاء صَوت الْإِبِل، وَمن الرُّغاء قَول الشَّاعِر:
رَغَا فَوْقهم سَقْبُ السَّمَاءِ فداحصٌ ... بِشَكّتهِ لَمْ يُسْتَلَبْ فَسَلِيبُ
يَعْنِي سقب نَاقَة صَالح، وَمثله قَول الشَّاعِر:
فَلَمّا رَأَى الرَّحْمَن أَن لَيْسَ فيهم ... رشيد وَلَا ناهٍ أَخَاهُ عَن الغدرِ
وصب عَلَيْهِ تَغْلِبَ ابنةَ وائلٍ ... فَكَانَ عَلَيْهِمْ مثلُ راغيةِ البكرِ
وَمن السّبَد قَول الشَّاعِر:
أما الْفَقِير الَّذِي كَانَتْ حلوبته ... وَفْقَ الْعِيَال فَلم يُتْركْ لَهُ سبدُ
وَفِي الطير طَائِر يُقَالُ لَهُ السبد لوفور ريشه.
وَقَوْلها: فَمَا وُلِدَ الْأَبْكَار والْعُون مثله، العون: جمع عوان وَهِي الَّتِي بَيْنَ الْكَبِيرَة وَالصَّغِيرَة، قَالَ اللَّه تَعَالَى ذكره فِي صفة بقرة بني إِسْرَائِيل " إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فارضٌ وَلا بكرٌ عوانٌ بَين ذَلِك "، وَيُقَال: حَرْبٌ عَوَان إِذَا لَمْ تكن مُبتَدأَة، وحاجة عوان إِذَا لَمْ تكن بَكْر الْحَاج، قَالَ الشعار:
قُعُودًا لَدَى الأبوابِ طالبُ حاجةٍ ... عوانٍ من الْحَاجَات أَوْ حَاجةٍ بكرِ
وَمِمَّا نستحسنه لبَعض الْمُحدثين فِي معاتبة بعض ذَوي الْخِيَانَة من الإخوان:
وكنتَ أخي بإخاء الزَّمَان ... فَلَمّا انْقَضى صرت حَرْبًا عَوَانًا
وكنتُ أعدُّك للنّائباتِ ... فها أَنَا أطلب مِنْك الأمانا
وَنَظِير هَذَا قَول الشَّاعِر الآخر:
أيا مولَايَ صرت قذى لعَيْنِي ... وسترًا بَيْنَ جفني والمَنَام
وكنتَ من الحوادثِ لي مَلاذا ... فصَرتَ مَعَ الحوادِث فِي نِظام
وكنتَ من المصائب لي عَزَاءً ... فصرت من الْمُصِيبَات الْعِظَام
وَقَالَ آخر:
هَبِ الزَّمَان زماني ... الشَّأْن فِي الخُلان
يَا مَنْ رَمَانِي لمّا ... رَأَى الزَّمانَ رَمَاني
وَمن ذخرتُ لنَفْسي ... فَعَاد ذُخْرَ الزمانِ
لَوْ قيل لي خُذْ أَمَانًا ... من أعظم الحدثانِ
1 / 81