290

جلیس صالح

الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي

ایڈیٹر

عبد الكريم سامي الجندي

ناشر

دار الكتب العلمية

ایڈیشن

الأولى ١٤٢٦ هـ

اشاعت کا سال

٢٠٠٥ م

پبلشر کا مقام

بيروت - لبنان

علاقے
عراق
حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ حُسَيْنٍ الْفَزَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُطْرِيٌّ الْخَشَّابُ، عَنْ مُدْرِكِ بْنِ عُمَارَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ آخِذًا بِرِكَابِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ فَقِيلَ لَهُ: تَأْخُذُ بِرِكَابِهِمْ وَأَنْتَ أَسَنُّ مِنْهُمَا، فَقَالَ: إِنَّ هَذَيْنِ ابْنَا رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، أَوَلَيْسَ مِنْ سَعَادَتِي أَنْ آخُذَ بِرِكَابِهِمَا، وَالْمُتَوَكِّلُ لِمِنْ أَحَقِّ النَّاسِ بِأَنْ يُتَقَبَّلَ مَا فَعَلَهُ جَدُّهُ، وَأَوْلَى مَنْ تَأَسَّى بِمَا أَتَاهُ وَلَمْ يَعْدُهُ، وَإِنَّمَا كَانَ انْحِرَافُهُ عَمَّنْ نَازَعَهُ خِلافَتَهُ وَسَعَى فِي تَشْعِيثِ سُلْطَانِهِ، وَالْقَدْحِ فِي مُلْكِهِ، وَكَيْفَ يَظُنُّ ذُو لُبٍّ بِالْمُتَوَكِّلِ الانْحِرَافَ عَنْ عَشِيرَتِهِ وَأُسْرَتِهِ وَفَصِيلَتِهِ، وَلَحْمَتِهِ الَّذِينَ شَرُفَ بِهِمْ وَوَرِثَ الْمَجْدَ عَنْهُمْ.
خبر زَيْد بْن مُوسَى الْمَعْرُوف بالنَّار
وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَنْصُورٍ الْحَارِثِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الغَلابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَجَاءُ بْنُ مَسْلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: لَمَّا أُدْخِلْتُ عَلَى الْمَأْمُونِ وَبَّخَنِي، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى أَخِيهِ أَبِي الْحَسَنِ، فَجِيءَ بِي إِلَى الرِّضَا فَتُرِكْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ سَاعَةً وَاقِفًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيَّ، فَقَالَ: يَا زَيْدُ سَوْءَةً لَكَ، مَا أَنْتَ قائلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِذْ سَفَكْتَ الدِّمَاءَ وَأَخَفْتَ السَّبِيلَ، وَأَخَذْتَ الْمَالَ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ؟ لَعَلَّكَ غَرَّكَ حَدِيثَ حَمْقَى أَهْلِ الْكُوفَةِ أنَّ النَّبيّ ﷺ قَالَ: إِنَّ فَاطِمَةَ أَحْصَنَتْ فرجهَا فَحرم الله زريتها عَلَى النَّارِ، وَيْلَكَ! إِنَّمَا هَذَا لِمَنْ خَرَجَ مِنْ بَطْنِهَا الْحَسَنُ وَالْحُسَيْن فَقَط لَا لي وَلَك، وَاللَّهِ مَا نَالُوا ذَلِكَ إِلا بِطَاعَةِ اللَّهِ فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَنَالَ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى مَا نَالُوهُ بِطَاعَةِ اللَّهِ ﷿ إِنَّكَ إِذًا لأَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ ﷿ مِنْهُمْ.
زَيْدٌ هَذَا امْرُؤٌ يُعْرَفُ بِزَيْدِ النَّارِ، وَلَهُ أخبارٌ، وَقَدْ كَانَ بَعْضُ وَلَدِهِ قَدِمَ مِنْ بِلادِ الْعَجَمِ إِلَى الْعِرَاقِ وَنُوزِعَ فِي نَسَبِهِ، وَكَانَ لَهُ حججٌ فِي دَعوته كَانَت مِنِّي معونةٌ لَهُ، فَهَذَا الَّذِي حَكَى لَنَا عَنِ الرِّضَا هُوَ اللائِقُ بِفَضْلِهِ وَدِيَانَتِهِ وَنُبْلِهِ وَنَبَاهَتِهِ، وشرفه ونزاهته، وَقد اتبع فِي سَبِيلَ سَلَفِهِ، وَاهْتَدَى بِالْمُصْطَفِينَ مِنْ آبَائِهِ الْمُكَرَّمِينَ بِالنُّبُوَّةِ وَالإِمَامَةِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ أَوْضَحَ هَذَا الْمَعْنَى كِتَابُ اللَّهِ ﷿، قَالَ اللَّهُ ﵎: " فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لَا تُبْصِرُونَ، إِنَّهُ لَقَوْلُ رسولٍ كَرِيمٍ، وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شاعرٍ قَلِيلا مَا تُؤْمِنُونَ، وَلا بِقَوْلِ كاهنٍ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ تنزيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ، لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ، ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ، فَمَا مِنْكُم من أحدٍ عَنهُ عاجزين "، فَانْظُرْ إِلَى مَا قَالَهُ فِي خَيْرِ النَّاسِ عِنْدَهُ وَأَسْعَاهُمْ فِي مرضاته، وأعلمهم بِطَاعَتِهِ، وَأَتْقَاهُمْ لَهُ، وأَوْرَعِهِمْ عَنْ مَحَارِمِهِ، وَأَعْرَفِهِمْ بِهِ، وَأَحْفَظِهِمْ لِحُدُودِهِ، وَأَعْلَمِهِمْ بِشَرَائِعِهِ، وَأَفْقَهِهِمْ فِي دِينِهِ، وَأَنْصَحِهِمْ لِخُلُقِهِ، وَأَكْرَمِهِمْ عَلَيْهِ، إِعْلامًا مِنْهُ لِعِبَادِهِ، أَنَّهُ لَا مُحَابَاةَ لَدَيْهِ فَذَكَرَ أَمْكَنَ الرُّسُلِ عِنْدَهُ، قَصْدًا إِلَى تَحْذِيرِ خَلْقِهِ، وَتَخْوِيفِ عِبَادِهِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: " وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ولتكونن من الخاسرين "

1 / 294