ثم تكلم بعد ذلك فى الأمراض فقال: إن أجناسها الأول ثلثة: أحدها الكائن من زيادة الأجسام الأول ونقصانها وزوالها، ومن البين أنى أعنى بقولى الأجسام 〈الأول〉 الأرض والنار والماء والهواء وهى التى سماها سائر الفلاسفة التابعين اسطقسات. وأما الجنس الثانى من أجناس الأمراض فيكون عن الأشياء المركبة من الاسطقسات. وذلك أن أمراض المخ والعظام 〈واللحم〉 والعصب والدم التى تركيبها من الاسطقسات بعضها يكون على النحو الذى قلنا إن الأمراض الأول تكون عنه وبعضها يكون بخلاف ذلك وهى أعظم أمراضها وأصعبها. وذلك أن العصب بالطبع يتولد ويغتذى من السلوك التى فى الدم، وأما اللحم فمن الدم إذا فارقته تلك السلوك وجمد. وأما الشىء اللزج الدسم الذى يخرج من العصب واللحم فيلصق اللحم بالعظم ويغذو أيضا العظم المحيط بالمخ وينميه. وأما الشىء النقى الذى يرشح من العظام لكثافتها فيغذو المخ. ومتى دامت هذه الأشياء على ما وصفنا فإن الصحة تكون باقية للحيوان، ومتى كان الحيوان بخلاف ذلك حدث المرض. وذلك أن اللحم إذا ذاب وسال ما يذوب منه إلى العروق صار حينئذ فى العروق دم كثير مختلف الألوان ومعه ريح ويكون بعض ذلك الدم مرا وبعضه حامضا وبعضه مالحا ويكون منه مرار وصديد وأنواع من البلغم. فأما ما يذوب من اللحم الذى قد عتق وعسر ذوبانه فإنه يسود لاحتراقه. ولأنه يتأكل لكل ضرب ويصير مرا يكون لقاؤه لكل واحد من أعضاء البدن عسرا ما لم يتغير. وربما صار فيه مكان المرارة حموضة متى لطفت تلك المرارة بأكثر مما ينبغى، وربما اختلطت أيضا تلك المرارة بالدم فقبلت لونا أحمر. فإذا خالط ذلك اللون 〈اللون〉 الأسود حدث عنه اللون الأخضر. فأما ما تذيبه الحرارة النارية من اللحم الطرى فيصير خلطا مرا أحمر مشرقا. ثم قال: فالاسم العامى لجميع هذه الأصناف هو المرار فإنما اختلفت أسماؤها بحسب الألوان التى يقبل كل واحد منها. فهذا كل ما قاله فلاطن فى أخلاط المرة
[chapter 21]
صفحہ 28