٣ فقد تبين إذا أن الرجل الذى ظن بابقراط أنه كان يغذو المريض فى كل يوم قد بلغ من جهله أنه لا يعرف معانى الألفاظ وينبغى لك أن تعلمه أن ما يعنى بقراط فى قوله يسبق فيستعمل خلاء العروق إنما هو أن يسبق فيستعمل ترك الغذاء فإنك إن علمت ذلك فهمت قول بقراط وهو هذا فإنى أقول ان ابتداء بتناول المريض للحسو منذ أول الأمر أجود من أن يسبق فيستعمل خلاء العروق ثم يبتدئ بتناول الحسو فى اليوم الثالث من مرضه أو فى الرابع أو فى الخامس أو فى السادس أو فى السابع إلا أن يتقدم بحران المرض فيكون فى هذه المدة فإنه إن تقدم كون البحران فبين أن ابتداء بتناول الحسو فى أحد هذه الأيام صواب أما أنا فأرى وبالله أقسم أن بقراط قد استعمل فى هذا الكلام من الإيضاح والبيان ما لا يخفى معه على صبى فضلا عمن سواه أنه يدل أن تغير التدبير إنما يضر بمن امتنع من الغذاء فى الأيام الأول من مرضه إن لم يتقدم فيأتيه البحران قبل أن يغير تدبيره أعنى لم ينحط مرضه وينتقص بوجه من الوجوه وذلك أن المرض إن كان قد انحط ونقص فاستعمال كشك الشعير صواب وإن كان المريض قد منع من الغذاء سبعة أيام فضلا عن أن يكون إنما منع ثلاثة أيام أو أربعة فقد تبين أن بقراط قد يمنع كثيرا من المرضى من الغذاء بتة لا فى الأيام الثلاثة الأول من مرضهم فقط لكن إلى اليوم السابع إذا كان يتوقع مجىء البحران قبل سقوط القوة وهذا هو الباب الذى يذم فيه أرسسطراطس دكسفس وافلونس تلميذى بقراط وأشياعهما ويذم أيضا معهم قوما آخرين من الأطباء أعنى أنهم يقتلون المريض بالجوع إلا أن ترى أن منع المريض من الغذاء سبعة أيام منذ أول مرضه تجويع يسير أما أنا فأرى أن تجويع المريض خمسة أيام كبير إلا أنا قد نجد بقراط لا يذم من يبتدئ بتغذية المريض فى اليوم السابع بعد أن يكون البحران قد تقدم فكان وأما هذا الطبيب العجيب الذى يرى فى نفسه أنه أعلم بطريق تدبير بقراط للأمراض الحادة من أرسسطراطس ومن تلامذة بقراط يرى أن بقراط يغذو جميع المرضى فى كل يوم وبقراط يصيح أن يخطئ من يبتدئ بتغذية المريض بالحسو فى اليوم السابع إذا كان قد تقدم فكان البحران وأنا واضع شيئا من كلامه فى ذلك فأثبت فى ذهنك وتدبره قال بقراط ثم من بعد إن كان يجد المريض وجعا أو ظهر فيه شىء من الأعراض المخوفة فينبغى أن يعطى الحسو وهو ليس بالغليظ ولا بالكثير من بعد اليوم السابع إن كان قويا وهذا الكلام يوجد فى النسخ مختلفا لأنه يوجد فى بعضها فيه زيادة حرف زائد فيما بين قوله ولا بالكثير وبين قوله من بعد اليوم السابع وذلك حتى يكون نسق الكلام على هذا المثال وذلك من بعد اليوم السابع إن كان قويا ويوجد فى بعض النسخ وليس معه ذلك الحرف على المثال الأول الذى وضعناه عليه والمعنى المفهوم من هاتين النسختين جميعا معنى واحد وهو أن بقراط أمر أن يكون إعطاؤنا ماء كشك الشعير لمن كان مرضه ذا خطر أو كان يجد وجعا من بعد اليوم السابع لا قبله إذا كانت قوته قوية تحتمل الإمساك عن الغذاء هذه المدة فقد تبين فى هذا الموضع أيضا أن بقراط قد جعل ابتداء تغذيته لبعض المرضى بماء كشك الشعير من بعد اليوم السابع ويقتصر به قبل ذلك إما على ماء العسل وإما على سكنجبين وإما على الماء القراح على نحو ما يرى الحاجة تدعو إلى كل واحد من هذه الأشربة فقد يصف بقراط من بعد هذا الكلام الأغراض التى ينبغى أن نقصد إليها فى استعمال هذه الأشربة
[chapter 4]
صفحہ 88