وقد يدل على أن أفلاطن قد كان يعلم أن النفس تألم من نداوة الكيموس [تكون] فى البدن قوله: إنه متى كان فى البدن أنواع من البلغم الحامض والمالح وكيموسات مرة مرية وكانت منجرة فى البدن، ولم يكن لها نفوذ الى خارج وكانت تجول فى داخل البدن وخالطت النفس ببخارها فتشوهت حركتها، أحدثت أمراضا مختلفة من أمراض النفس صعبة ويسيرة على قدر الكثرة والقلة. وإذا صارت الى ثلاثة مواضع النفس فعلت بحسب الموضع الذى إليه تصير أنواعا مختلفة من صعوبة الخلق ومن خبث النفس، وربما فعلت أنواعا من التهور والجبن وأنواعا من النسيان. فقد أقر أفلاطن فى كلامه هذا إقرارا ظاهرا أن النفس تؤول الى الشر والرداءة من قبل الكيموس الكائن فى البدن، كما أقر بأنها تصير إلى المرض من قبل البدن فى قوله هذا الذى نذكره. قال : إن المنى قد يكثر فى الدماغ حتى يفيض كما تكون الشجرة كثيرة الثمار. ومن كان كذلك عرض له دائما شبيه بما يعرض اللتى ضربها المخاض، وكانت لذته مفرطة بالشهوات واستعمال الباه والتوليد. وكان مفتونا فى أكثر عمره بذلك، وكانت نفسه مريضة بأهلة لإفراط اللذة والأسى بسبب حال البدن. والذى عليه الرأى فى من كانت هذه حاله أنه إنسان سوء لا من قبل أنه مريض النفس بل من قبل إرادته. والحق فى ذلك هو أن الافتنان بالباه مرض التنفس بإفراط يعرض من أجل الحال الخارجة من الطبيعة الرطبة السائلة المائية من تخلخل ما فى البدن. فقد أبلغ أفلاطن القول فى أن النفس تمرض من أجل كيموسات البدن الرديئة.
صفحہ 23