٢ وإذ قد حددنا هذه الأشياء فلنبحث الآن عن فصول الأعضاء المتشابهة الأجزاء التى فى بدن الإنسان كم هى ومن البين أن الاستدلال على ذلك إنما يكون من التشريح مثال ذلك الجلد فإنه إذ كان أول ما يقع عليه الحس من جميع الأعضاء فالأولى أن أجعل كلامى أولا فيه فأقول أن جميع الجلد يرى رؤية بينة متشابه الأجزاء بسيطا فى طبيعته وذلك أن طبيعة الغشاء الذى تحته وهو الذى يسلخ معه طبيعة أخرى وخليق أن يكون إنما يمكن الإنسان أن يسلخ من الجلد سطحه الخارج فقط وهو الطبقة الظاهرة منه إلا أنه ليس ينبغى أن يكون قشطك هذه الطبقة من الجلد على أن طبيعتها طبيعة أخرى غير طبيعة الجلد كله لكن كما لو قست بين الجلد من رجل يتعب فى الشمس فى صيد السمك أو فى الفلاحة وبين الجلد من صبى يربى فى بعض المنازل فإن حال هذين وإن كانت حالا متضادة إذ كان أحدهما صلبا يابسا والآخر رطبا لينا إلا أنهما جميعا فى النوع شىء واحد بعينه ولأن الانتقال من الأجسام التى نوعها واحد بعينه إلى الأجسام القريبة منها فى الصورة يكون قليلا قليلا وبينها أيضا فى الكثرة والقلة اختلاف ليس باليسير فيجب ضرورة أن يكون المتشابه الأجزاء قد ينتقل فى بعض الأوقات إلى ما حاله غير هذه الحال وهو المتوسط بين المتشابه 〈الأجزاء〉 وغير المتشابه (الأجزاء) ولهذا السبب احتجنا إلى النظر فى أفعال الأعضاء ومنافعها مثال ذلك الجلد فإنك إذا نظرت فيه لم تجد له فعلا من الأفعال لكن منفعة فقط لأن الطبيعة إنما خلقته للحيوان بمنزلة الوقاية والستر الغريزى ولهذا صار فى بعض الحيوان صدفيا وفى بعضها فلوسيا وفى بعضها خزفيا وفى بعضها حجريا وفى بعضها لينا بمنزلة ما نجده فى الناس وقد جعلت فيه الطبيعة فى هذا الجنس من الحيوان شيئا تفضل به على سائر الحيوان أعنى حس اللمس إن كان الأولى أن يسمى ذلك فعلا أو يسمى تأثيرا لأن الأمر فى أن الحركات الإرادية التى تكون بالعضل والحركة التى تتم بالقلب وهى حركة النبض فعل من الأفعال بين ظاهر وقد اتفق عليه جميع الناس وإنما المطالبة هل ينبغى أن يسمى الإحساس فعلا أم تأثيرا إلا أن غرضنا فى هذا الوقت ليس هو البحث عن هذا لكن الإخبار بأنا قد نحتاج فى الحكم على التشابه فى الجوهر وعلى معرفة الهوية إلى النظر فى أفعال الأعضاء ومنافعها لأن الأفعال التى حالها حال واحدة بعينها إنما تكون عن جوهر واحد وأما المنفعة فربما كانت الجواهر التى تتم بها مختلفة فمن الصواب أن يقال فى الرباط والعصبة أن جوهر كل واحد منهما غير جوهر الآخر إذ كان أحدهما لا يحس وكانت منفعته فى الأعضاء التى يتصل بها منفعة أخرى غير الحس والآخر يحس ويعطى مع ذلك الأعضاء التى ينبث فيها الحس إعطاء بينا لأنه لو كان إنما الفصل بين الرباط وبين العصبة فى أن أحدهما أشد بياضا من الآخر وأصلب لم نكن نضع وضعا مطلقا أن جوهر أحدهما غير جوهر الآخر بل كنا نبحث باستقصاء عن مقدار بعده عنه فى اللون والصلابة وكذلك أيضا العضو المسمى وترا فإنه فى طبيعته بين الرباط والعصبة وذلك أن تركيبه من هذين جميعا إلا أن ذلك التركيب إنما يتبين بالقياس فقط وأما بالحس فإنما يظهر أنه جسم متشابه الأجزاء فهذه هى الأعضاء المتشابهة من أعضاء الحيوان PageV01P05 4
[chapter 3]
صفحہ 56