ومن ذلك ان ارسطاطاليس الميطوليني وقد كان رجلا مقدما في علم الفلاسفة المشايين لما وقع في مرض قد كان في مثله يمكن ان ينفع شرب الما البارد وكان رجلا لم يشرب الما البارد قط رد على من اشار عليه بشربه وقال لهم انه يعلم يقينا انه ان ذاق الما البارد تشنج وذلك بزعمه لانه قد كان راى اخر عرض له التشنج من الما البارد ممن كان شبيها به في مزاج بدنه وسحنته وكان معتادا لشرب الما الحار ولو كان ارسطاطاليس اعتاد شرب الما البارد لكان حريا الا يفزع ولا يجبن منه ولو انه فزع وجبن منه لكان الاطبا الذين يتولون علاجه سيقهرونه لا محالة ويقسرونه على شربه الا ان هذا مات في مرضته هذه فيما بلغني عنه ولما سالني من حضر وفاته هل كنت تقدم على اسقايه الما البارد بثقة ويقين كما تقدمت على ذلك في بشر كثير فاسقيت بعضهم الما البارد في وقت مرضه كله وبعضهم في وقت دون وقت على ان غيري من الاطبا كانوا يجبنون عن اسقايهم اياه ام قد اصاب الرجل في امتناعه منه واحسن في الحرس على طبيعته فاجبتهم بانه قد اصاب غاية الصواب في حرسه لانه كان منهوك البدن جدا وكان فم معدته باردا منذ اول امره حتى انه كان ان حمل عليها فضلا قليلا اصابه من ساعته فواق ولكن كما ان هذا لا يحتمل شرب الما البارد لمكان عادته ولمكان طبيعة بدنه على ان مرضه كان يدل انه ينبغي ان يسقى ما باردا كذلك كنت انا اسقي مريضا ما باردا بغاية الثقة والاتكال متى كانت حماه الحمى المحرقة خالصة وهي التي ترعى ما وسوس ولم يكن في شي من احشايه ورم بين وكنت اسقي انسانا اخر ما باردا وانا ليس منه في غاية الثقة والاتكال لكن كنت اسقيه اياه بعد ان اقول لخواصه انه ان لم يشرب ما باردا يموت لا محالة وان شرب رجوت له ان يسلم ويعافا رجا كبيرا وتالله ان جميع من شربه ممن رجوت له العافية سلم وعوفي واذا كان هذا الباب هو احد الاشيا التي يداوا بها الامراض 〈و〉قد امتحن بالتجارب على طول الزمان فقد ينبغي لنا ان ناخذ في البحث عن سببه بعد ان نذكر اولا بما قاله بقراط في كتابه في تدبير الامراض الحادة وما قاله ارسسطراطس في المقالة الثانية من كتابه في الاسترخا والذي قاله بقراط هو هذا
صفحہ 141