============================================================
الورع الشافي والزهد الكامل: وهو ترك ما سوى الله عز وجل، ومخالفة النفس والهوى والشيطان، وطهارة القلب من الخلق في الجملة حتى استوى الحمد والذم، والعطاء والمنع والحجر والمدر(12).
أول هذا الأمر شهادة أن لا إله إلا الله، وانتهاؤه استواء الحجر والمدر؛ أي الذهب والفضة. من صح قلبه واتصل بربه عز وجل استوت الحجر والمدر عنده، والحمد والذم، والسقم والعافية، والغناء والفقر، وإقبال الدنيا وإدبارها من صح له هذا ماتت نفسه وهواه (وانخمدت نارية طبعه، وذل شيطانه له، وتحتقر الدنيا [32/ب] وأربابها عند قلبه، ثم يعرض عنهما، ويقبل على مولاه عز وجل حتى يصير لقلبه دربا في وسط الخلق يجوز فيه إلى الخالق، ينفردون له يمينا وشمالا، يتنحون ويخلون الطريق له، يفرون من نار صدقه وهيبة سره، فحينئذ يدعى في الملكوت عظيما، يكون الخلق كلهم تحت أقدام قلبه، يستظلون بظله، لا تهوس، آنت لا تدعي ما ليس لك ما ليس عندك، أنت نفسك مستولية عليك، والخلق والدنيا في قلبك، هما في قلبك اكبر من الله عز وجل، أنت خارج عن حد القوم وعدهم. إن أردت الوصول إلى ما أشرت إليه فاشتغل بطهارة قلبك عن الأشياء كلها، ويحك، أنت لو تعوزك ( لقمة أو تضيع منك حبة، أو ينكسر لك عرض تقوم قيامتك، (1/33] وتعترض على ربك عز وجل، وتخرج غيظك في ضرب زوجتك وولدك، وبسب دينك ونبيك. لو كنت عاقلا من أهل اليقظة والمراقبة لخرست بين يدي ربك عز وجل، ولرأيت جميع أفعاله نعمة في حقك، ونظرا إليك.
ويحك، اذكر جوع الجياع، وعري العراة، ومرض المرضى، وحبس المحبوسين، وقد هان عليك ما عندك من البلاء، اذكر أهل القبور في أهوال القيامة. اذكر علم الله عز وجل ونظراته إليك وسابقته لك وقد استحيت منه. إذا (62) المدر: الطين.
صفحہ 47