جاحظ: ائمہ ادب (حصہ اول)
الجاحظ: أئمة الأدب (الجزء الأول)
اصناف
صلى الله عليه وسلم
قد أوتي جوامع الكلم، وعلم فصل الخطاب.
سحر البيان
قال بعض الربانيين وأهل المعرفة من البلغا، ممن يكره التشادق والتعمق، ويبغض الإغراق في القول والتكلف والاجتلاب، ويعرف أكثر أدواء الكلام ودوائه، وما يعتري المتكلم من الفتنة بحسن ما يقول، وما يعرض للسامع من الافتتان بحسن ما يسمع: أنذركم حسن الألفاظ وحلاوة مخارج الكلام، فإن المعنى إذا اكتسى لفظا حسنا، وأعاره البليغ مخرجا سهلا، ومنحه المتكلم قولا متعشقا؛ صار في القلب أحلى، وللصدر أملأ. والمعاني إذا كسبت الألفاظ الكريمة، وألبست الأوصاف الرفيعة؛ تحولت في العيون عن مقادير صورها، وأربت على حقائق أقدارها، بقدر ما زينت، وعلى حسب ما زخرفت، والقلب ضعيف، وسلطان الهوى قوي، ومدخل خدع الشيطان خفي.
عدوى الإسفاف
اعلم أن المعنى الحقير الفاسد واللفظ الساقط يعشش في القلب، ثم يبيض، ثم يفرخ، ثم يستفحل الفساد؛ لأن اللفظ الهجين الرديء علق باللسان، وآلف للسمع، وأشد التحاما بالقلب من اللفظ النبيه الشريف والمعنى الرفيع الكريم. ولو جالست الجهال والحمقى والسفهاء شهرا فقط، لكسبت من أوضار كلامهم وخبال معانيهم ما لم تكتسبه من مجالسة أهل البيان دهرا؛ لأن الفساد أسرع إلى الناس وأشد التحاما بالطبائع. والإنسان بالتعلم والتكلف، وبطول الاختلاف إلى العلماء ومدارسة كتب الحكماء، يجود لفظه، ويحسن أدبه، وهو لا يحتاج في الجهل إلى أكثر من ترك التعلم، وفي فساد البيان إلى أكثر من ترك التخير.
العفو
من انتقم فقد شفى غيظ نفسه، وأخذ أقصى حقه، وإذا انتقمت فقد انتقصت، وإذا عفوت تطولت. ومن أخذ حقه وشفى غيظه لم يجب شكره، ولم يذكر في العالمين فضله. وكظم الغيظ حلم، والحلم صبر، والتشفي طرف من العجز، ومن رضي أن لا يكون بين حاله وحال الظالم إلا ستر رقيق، وحجاب ضعيف، لم يجزم في تفضيل الحلم، وفي الاستيثاق من ترك دواعي الظلم، ولم تر أهل النهى والمنسوبين إلى الحجى والتقى، مدحوا الحكام بشدة العقاب، وقد ذكروهم بحسن الصفح، وبكثرة الاغتفار، وشدة التغافل.
وبعد، فالمعاقب مستعد لعداوة أولياء المذنب، والمعافي مستدع لشكرهم، آمن من مكافأتهم أيام قدرتهم.
ولأن يثنى عليك باتساع الصدر خير من أن يثنى عليك بضيق الصدر، على أن إقالتك عثرة عباد الله موجب لإقالتك عثرتك من رب عباد الله، وعفوك عنهم موصول بعفو الله عنك، وعقابك لهم موصول بعقاب الله لك، والموت الفادح خير من اليأس الفاضح.
نامعلوم صفحہ