جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس

ابن فتوح حمیدی d. 488 AH
122

جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس

جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس

ناشر

الدار المصرية للتأليف والنشر

پبلشر کا مقام

القاهرة

أبو العباس، كان أبوه من موالي بني شهيد، ونشأ هو بمرسية، وانتقل إلى قرطبة، وطلب الأدب فبرز فيه، وبسق في صناعة الرسائل مع حسن الخط المتفق على نهايته، وتقدم فيهما، وشارك في سائر العلوم، ومال إلى الفقه والحديث، وبلغ من رياسة الدنيا أرفع منزلة، وقدمه الأمير الموفق أبو الجيش مجاهد بن عبد الله العامري علاى كل من في دولته، لأسباب أكدت له ذلكعنده؛ من المودة، والثقة، والنصحية، والصحبة في النشأة؛ فكان ينظر في أمور الجهة التي كان فيها نظر العدل والسياسة، ويشتغل بالفقه والحديث، ويجمع العلماء والصالحين، ويؤثرهم، ويصلح الأمور جهده؛ وما رأينا من أهل الرياسة من يجرى مجراه، مع هيبة مفرطة، وتواضع وحلم عرف به، مع القدرة. مات بعد الأربعين وأربع مائة عن سن عالية، وله رسائل مجموعة متداولة منها: الرسالة إلى أبي عمران موسى بن عيسى بن أبي حاج نجح الفاسي، وأبي بكر بن عبد الرحمن ففيهى القيروان في الإصلاح بينهما، وله كلام مدون على تراجم كتاب الصحيح لأبي عبد الله البخاري، ومعاني ما أشكل من ذلك. وقد رأيته غير مرة إذا غضب في مجلس الحكم، أطرف ثم قام، ولم يتكلم بين اثنين، فظنته كان يذهب إلى حديث أبي بكرة عن رسول الله ﷺ: " لا يحكم حاكم بين اثنين وهو غضبان ". حدثنا الرئيس أبو العباس أحمد بن رشيف الكاتب، قال: كنت في سن المراهقة بتدمير أول طلبي للنحو، إذ دخل علينا على البحر رجل أسمر، ذكر أنه من بني شيبة حجبة البيت، وأنه

1 / 123