في أوائل شهر ربيع الآخر، أو أواخر الذي قبله، وولي الشيخ قوام الدين، والذي قام في ذلك السراج ابن المزلق، ناظر جيش دمشق، وجهز مرسوم بالكشف عنه أيام مباشرته، فوصل الخبر بذلك في منتصف الشهر، فهرب قاصدا القاهرة، فرده الحاجب - وكان شديد البغض له - من الطريق بنحو خمسة عشر شرطيان وأراد تبييته في الترسيم، فضمنه من يوثق به ، فمكن من النوم في بيته، ثم أصبح والي الشرطة على بابه طلبه لحضور مجلس الدعوى عليه، وإذا على بابه نعش لا يدري من أتى به. فلم يوقظه إلا هذه المصيبة، فلما تحقق أمر الوالي، والنعش لم يرتب في أنه، أمر بضرب عنقه، وأن النعش أحضر ليحمل فيه، فكادت روحه تزهق، ثم حضر المجلس، فادعى عليه التاج محمد بن الشهاب أحمد بن عرب شاه دعاوى هائلة عند القاضي الشافعي الجمال بن الباعوني، وألزمه في بعضها يمينا فحلف، فأقام البينة بتكذيبه، وكان عليه يوما مشؤوما، ثم توالت عليه المراسيم بالكشف فاستمر مرسما عليه، بيت على الباب الذي هو فيه عدة أناس بالأسلحة خوفا من أن يهرب، وما زال في أسوأ حال، بعدما كان يتجبر على الجبابرة، ولهذا كانوا يبغضونه، واستمر كذلك إلى أن جاءه بعض الفلاحين، فاستراب به فسئل عن أمره، فقال: إن له معه كلاما، فاستدناه، فلما قرب منه تنكرت أحواله، فخيف عليه منه، فقبض جماعته عليه، واستوثقوا منه، ورفع إلى القلعة، فسئل، فلم يعترف بسوء، فأمر الحميد بعض جماعته أن يقفوا له بخيل، في مكان سماه، في ساعة عينها، ثم إنه في تلك الساعة، قال للموكلين به، أنه حصلت له جنابة، فمشى معه بعضهم، فدخل إلى حمام ذات بابين، واستحيوا أن يدخلوا معه إلى الحمام، فخرج من الباب الآخر، ثم أتى جماعته، فركب، وسار على غير طرق معروفة نحو وادي التيم، فلم يطلع خبره إلا من...».
الدعوى على ابن الأشقر:
صفحہ 110