وفي يوم الاثنين سابع عشر الشهر المذكور، عقد للسلطان على بنت عبد الباسط بن خليل الدمشقي، وكان قد خطبها أولا لابنه عثمان، ثم قيل له: إنها غاية في الحسن فخطبها لنفسه، وفصل للشافعي خلعة يلبسها عند تزويجه إياها به، على العادة، فقيل له: إنها صغيرة، ولا مجبر لها، فليس للشافعي أن يتعاطى العقد عليها؛ لأن ذلك غير صحيح في مذهبه، وإنما يصح ذلك عند الحنفية، والحنابلة، فسعى الشافعي في أن يكون هو رئيس الجلس، الذي يكون فيه العقد؛ بأن يعقد أحد نواب الحنفي نائبا عنه، بحضرته، فلم يجب السلطان إلى ذلك، وألبسه الخلعة التي كان سماها له، يوم السبت خامس عشر الشهر، فلما تحقق أن ذلك زال عنه، سعى (فيما نقل إلي) في دفع ذلك عن الحنفي، وهو السعد بن الديري، إلى الحنبلي، وهو البدر ابن البغدادي، وكان قد نقه من مرض أشفى منه على الموت، وانقطع بسببه مدة، فكان ذلك في يوم الاثنين المذكور، وألبس خلعة سنية لذلك؛ سرورا بعافيته، ووجد الشافعي من خروج هذا العقد عنه وجدا شديدا.
سفر الإستدار والأميرين:
وفي يوم الجمعة حادي عشري الشهر سافر الزين يحيى الإستدار، إلى نواحي المنزلة، ومعه الأمير الكبير إينال الأجرود، وأمير المجلس، تنم، المعروف بالمحتسب؛ وذلك أن الإستدار كان خائفا من العربان، وأهل الأرياف؛ لشدة ما نالهم منه، من الظلم، على ما هم فيه من شدة الزمان، بالغلاء، وضيق العيش، فزين للسلطان أن سفرهم معه مناسب؛ لأجل عمل مصالح ما لهم بتلك الناحية من البلاد، فأمرهم بذلك، وكان هو يريد أن يسافر في البحر، فسألا السلطان، أن يسافرا في البر؛ لأنه أرفق، وأوسع، فأبى، وألزمهما، أن يكونا معه، أينما كان برا، أو بحرا.
صفحہ 103