أجاب الناسك: «سيدي الفارس، إن أفكارك تتبع الجسد كأفكار أولئك العلمانيين الجهلاء. لقد سر سيدتنا العذراء وقديسي الشفيع أن يباركا قوتي الزهيد الذي أضبط به نفسي.»
قال الفارس: «أيها الأب المقدس، الذي سعدت السماء أن تفعل مثل هذه المعجزة في ملامحه، اسمح لعلماني آثم أن يطلب ملتمسا معرفة اسمك.»
أجاب الناسك: «يمكنك أن تدعوني كاهن كوبمانهيرست؛ إذ هكذا أدعى في هذه الأنحاء. ويضيف الناس حين ينادونني، وهم محقون في ذلك، نعت «المقدس»، ولكني غير جدير بذلك. والآن، أيها الفارس الشجاع، أتسمح لي أن أعرف اسم ضيفي الكريم؟»
قال الفارس: «في الواقع، يا كاهن كوبمانهيرست المقدس، يناديني الناس في هذه الأنحاء بالفارس الأسود، ويضيف كثيرون منهم، يا سيدي، نعت الكسلان، الذي لا أطمح على الإطلاق لأن أكون مشهورا به.»
لم يستطع الناسك أن يمنع نفسه من الابتسام لرد ضيفه.
وقال: «أرى أيها السيد الفارس الكسلان أنك رجل حذر وحكيم، وأرى أيضا أن طعام الرهبان الفقير لا يعجبك؛ لأنك ربما تكون معتادا على رغد القصور ومعسكرات الفرسان وترف المدن. والآن تذكرت، أيها السيد الكسلان، أنه عندما ترك لي الحارس الخير لهذا الجزء من الغابة هذين الكلبين لحمايتي وكذلك تلك الحزم من العلف، ترك لي أيضا بعض الطعام، ولكنه لما كان غير مناسب لعاداتي في الطعام، فقد غاب عن ذهني وسط تأملاتي التي تفوقه الأكثر أهمية.»
قال الفارس: «أجرؤ أن أقسم على أنه فعل ذلك؛ فقد كنت مقتنعا بأن ثمة طعاما أفضل في صومعتك أيها الكاهن المقدس منذ أن نزعت قلنسوتك. لنر إذن عطية الحارس دون إبطاء.»
رمق الناسك الفارس بنظرة متأملة بها نوع من التعبير الهزلي عن التردد، كما لو كان غير متأكد إلى أي حد ينبغي عليه أن يتصرف بحذر بشأن الوثوق في ضيفه.
بعدما تبادلا نظرة صامتة أو نظرتين، ذهب الناسك إلى الجانب الأقصى من الكوخ، وفتح كوة كانت مغلقة بعناية شديدة وبشيء من البراعة. ومن أعماق خزانة سوداء تؤدي هذه الكوة إليها، جلب فطيرة كبيرة مخبوزة في صفيحة من القصدير ذات أبعاد غير معتادة. وضع هذه الفطيرة الضخمة أمام ضيفه، الذي شقها بخنجره، ولم يضع وقتا في أن يعرف محتوياتها.
قال الفارس لمضيفه بعدما ابتلع بسرعة عدة لقيمات من هذا المدد من طعام الناسك الجيد: «كم مر على وجود الحارس الصالح هنا؟»
نامعلوم صفحہ