ردت إلجيثا: «ولكنها سترغب في ذلك؛ لأنها تريد دوما أن تسمع آخر الأخبار من فلسطين.»
أجاب سيدريك: «صمتا، يا فتاة. إن لسانك يسبق تفكيرك. أبلغي رسالتي لسيدتك واتركيها تقرر ما ترغب؛ فهنا، على الأقل، ما زالت سليلة ألفريد أميرة.»
الفصل الثاني
استغل رئيس الدير آيمر الفرصة التي أتيحت له في تغيير رداء ركوب الجياد إلى رداء آخر من مواد أكثر قيمة، وارتدى فوقه رداء الكاهن المطرز بغرابة. وأبدل فارس الهيكل قميصه المزرد بسترة من الحرير الأرجواني الداكن المزخرف بالفرو، وأسدل فوقه رداءه الطويل الشديد البياض ذا الطيات الواسعة. وكان صليب طائفته ذو الحواف الثمانية منقوشا على كتف عباءته بقماش مخملي أسود. أما حواجبه، فقد كان يظللها شعر قصير متموج كثيف شديد السواد كسواد الغراب، يتماشى مع بشرته الداكنة على غير المعتاد. ولم يكن يمكن لشيء أن يكون أكثر مهابة ورشاقة من خطواته وطريقته، لولا ما يسودهما من عجرفة.
كان يتبع الشخصين المبجلين خدمهما الخاص، وعلى مسافة أبعد تبعهما مرشدهما، الذي لم يكن في هيئته ما يلفت الانتباه أكثر من كونها مستمدة الثياب المعتادة للحجاج. تبع في تواضع آخر الركب الذي دخل الردهة، وانسحب إلى مقعد طويل وضع في أحد الأركان وأسفل إحدى المدخنتين الكبيرتين تقريبا، وبدا أنه يشغل نفسه بتجفيف ثوبه، حتى يخلو مكان إلى الطاولة بقيام أحد الأشخاص.
قام سيدريك لاستقبال ضيفيه، ونزل من المنصة، وتقدم ثلاث خطوات نحوهما، ثم توقف منتظرا اقترابهما.
قال: «يحزنني يا رئيس الدير الموقر أن قسمي يمنعني من التقدم لأكثر من ذلك على أرضية آبائي هذه، حتى وإن كان لاستقبال ضيوف مثلك، ومثل هذا الفارس الباسل من فرسان الهيكل المقدس، ولكن رئيس خدمي شرح لكما سبب سلوكي الذي يبدو أنه يتنافى مع آداب اللياقة.»
بإشارة من يده جعل ضيفيه يتخذان مقعدين أقل ارتفاعا بعض الشيء من مقعده، ولكنهما وضعا بجواره، ثم بإشارة أخرى أمر بوضع طعام العشاء على الطاولة.
عندما أوشكوا على البدء في تناول الطعام رفع رئيس الخدم، أو القهرمان، عصاه فجأة قائلا: «مهلا! أفسحوا الطريق لليدي روينا.» وعلى الرغم من الشعور بالمفاجأة الذي انتاب سيدريك لظهور الوصي عليها على الملأ في مناسبة كهذه، هرع إلى مقابلتها والترحيب بها بإجلال، مرشدا إياها إلى المقعد المرتفع على يمينه المخصص لسيدة المنزل. وقف الجميع لاستقبالها، وردت عليهم تحيتهم بإيماءة صامتة، وتقدمت برشاقة متخذة مكانها إلى الطاولة. وقبل أن تجلس، همس فارس الهيكل لرئيس الدير قائلا: «لن أرتدي ياقتك الذهبية في مباراة الفروسية. أما نبيذ «شيان» فهو لك.»
رد رئيس الدير: «ألم أقل لك ذلك؟ ولكن انتبه ولا تفرط في إظهار نشوتك بجمالها؛ فالفرانكلين يراقبنك.»
نامعلوم صفحہ