اتحاد یورپی: مختصر تعارف
الاتحاد الأوروبي: مقدمة قصيرة جدا
اصناف
ومن منظور أوسع للعدالة، استجاب الاتحاد للانتقادات التي وجهت إليه بأنه شدد القيود على الهجرة واللجوء، على حساب الاهتمام بمعاملة البشر ذوي الصلة. وفي مواجهة الشعور العام العدائي واسع الانتشار ضد هؤلاء الأشخاص، نصت معاهدة أمستردام على تدابير لحماية حقوقهم، إضافة إلى إجراءات لمكافحة العنصرية وكراهية الأجانب بوجه عام. وبالجمع بين هذه التدابير وميثاق الحقوق الأساسية، وضع الاتحاد الآن برنامجا ثريا نوعا ما لحماية حقوق الإنسان، وإن كانت درجة قدرته على إنفاذه تظل موضع نقاش. (3) ماذا في الاسم؟
تكاد تكون حرية الحركة والتنقل داخل دول شنجن واقعا مكتملا، ولو كان بمقدور بيفن اليوم الذهاب إلى محطة جار دو نور أو محطة جار دو ليون، لاستطاع شراء تذكرة والذهاب دون جواز سفر أينما شاء في دول شنجن، إلا محطة فيكتوريا للأسف.
في حين أضفت لشبونة كثيرا من الوضوح على تنظيم هذا الميدان من ميادين السياسات، فمن المشكوك فيه أن ينجح هذا نجاحا كافيا في التصدي لمختلف التحديات؛ فالانقسامات المستمرة بين الدول الأعضاء والاتحاد، إضافة إلى التباين بين عضويتي الاتحاد الأوروبي ودول شنجن، تسفر عن خطوط سيطرة ملتبسة، ونطاق عمل محدود، ونظام لا يعرفه ولا يفهمه إلا قلة من الجمهور. تعد منطقة الحرية والأمن والعدالة، من نواح عدة، مثالا نمطيا على المشكلة الأوسع نطاقا التي تواجه الاتحاد؛ فهي من شأنها أن تكون وسيلة مفيدة للتعامل مع المشكلات التي تقع خارج نطاق الدول الأعضاء منفردة، لكن تعوقها التسويات السياسية، ولغة الاتحاد المبهمة، والسياسات غير المعقولة أحيانا التي تنتج عن محاولة التوفيق بين مثل هذا العدد الكبير من الأطراف الفاعلة دون إصلاح مؤسسي واف.
الفصل الثامن
قوة مدنية عظيمة ... وأكثر أم أقل؟
كان أهم دوافع إنشاء الجماعة السلام بين فرنسا وألمانيا والدول الأعضاء الأخرى ورخاء مواطنيها، لكن في حين أن العلاقة المتبادلة بينها كانت عميقة جدا، كانت العلاقات مع الجيران ومع البلدان البعيدة أيضا شديدة الأهمية، فبدأ منطق الولاية الاحتياطية، القاضي بضرورة تولي الجماعة مسئولية ما يمكنها فعله بشكل أفضل من الدول الأعضاء، عند عملها منفردة، يسري على الشئون الخارجية والداخلية.
كانت علاقات الجماعة الخارجية، اتساقا مع صلاحياتها، مركزة في الأصل في الميدان الاقتصادي، لكن كانت هناك أيضا أهداف سياسية منذ البداية؛ فبالنسبة لألمانيا، المتاخمة للكتلة الشيوعية، وفي ظل خضوع ألمانيا الشرقية للسيطرة السوفييتية، كانت الأولوية هي التضامن في مقاومة الضغط السوفييتي. أما الفرنسيون فكانت لديهم رؤية أوسع للجماعة كقوة في العالم. وكانت العلاقات مع الولايات المتحدة عنصرا محوريا، يراها مونيه على هيئة شراكة بين الجماعة والولايات المتحدة، ويريدها ديجول لتحدي السطوة الأمريكية. كانت رؤية مونيه مشتركة على نطاق واسع، وصار ينظر إلى الجماعة باعتبارها «قوة مدنية عظيمة» محتملة.
مضى كثيرون في فرنسا أبعد من ذلك، فتصوروا أوروبا قادرة على تحدي الهيمنة الأمريكية في ميدان الدفاع. وكانت هذه الرؤية تواجه مقاومة - بوجه عام - في البلدان الأخرى. لكن التعاون في السياسة الخارجية تطور إلى النقطة التي سماه الاتحاد عندها «السياسة الخارجية والأمنية المشتركة». وقد انضمت بريطانيا، التي ظلت طويلا تعارض بعناد العمل الاتحادي المشترك في ميدان الدفاع، إلى فرنسا عام 1999، في تدشين قدرة دفاعية اتحادية متواضعة. ولا يزال هذا عنصرا ثانويا، وإن كان متزايد الأهمية، في علاقات الاتحاد الخارجية، وتظل سياسات الاتحاد الاقتصادية الخارجية أكثر أهمية بكثير.
في هذه الأثناء، كان العالم قد بدأ يتحول إلى مكان أكثر خطرا يشتمل على مصادر زعزعة الاستقرار كتغير المناخ، والتدهور البيئي، والجريمة العابرة للحدود، والفقر، وما ينشأ عن ذلك من هجرة جماعية، وإرهاب، إضافة إلى صور انعدام الأمن العسكري. البساطة النسبية التي وسمت المواجهة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي حلت محلها السيادة الأمريكية، واحتمال بروز عالم متعدد الأقطاب بدأت فيه الصين - وربما الهند فيما بعد - تنضم إلى الولايات المتحدة كقوتين عملاقتين، مع ضرورة أن تؤخذ روسيا هي والقوى الصاعدة الأخرى أيضا بعين الاعتبار. ويشهد توازن القوة الاقتصادية ثنائية القطب، تحت هيمنة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تحولا سريعا - أيضا بجانب اقتصادات البرازيل وروسيا والهند والصين - إلى اقتصاد عالمي متعدد الأقطاب. هذا هو العالم الذي يجب أن يجد فيه الاتحاد الأوروبي مكانه. وهذه ليست بالمهمة البسيطة كما أثبت تأثير حرب العراق سنة 2003 ومفاوضات جولة الدوحة التجارية المتعثرة.
بلغ الأوروبيون - بوجه عام - مرحلة في تاريخهم، وبالأخص في تجربة العيش معا في سلام في كنف الاتحاد الأوروبي، يثمنون فيها بشدة الأمن والطمأنينة في العلاقات بين الدول؛ ومن هنا يؤيدون إنشاء نظام آمن متعدد الأطراف في العالم. وعلى الرغم من أن قدرات الاتحاد العسكرية تلعب دورا متناميا في وظائف كحفظ السلام؛ فإن سياساته الخارجية الاقتصادية والبيئية والمتعلقة بالمعونات، إضافة إلى خبرته في إقامة العلاقات السلمية بين الدول لها قدرة كبيرة على المساهمة في أمنه ورخائه، وأمن العالم ككل ورخائه. ومن هذا المنظور، يمكن تعلم الكثير من خبرة الاتحاد حتى الآن؛ لذا نستعرض في هذا الفصل دواعي تأسيس هياكله المعنية بالتعامل مع سائر دول العالم وكيفية تأسيسها، وفي الفصل التاسع كيفية توسعه من 15 دولة في أوروبا الغربية ليضم معظم الدول الأوروبية، وفي الفصل العاشر كيفية تطوير سياساته للتعامل مع سائر دول العالم. (1) العلاقات الاقتصادية الخارجية
نامعلوم صفحہ