271

الاتقان فی علوم القرآن

الإتقان في علوم القرآن

ایڈیٹر

محمد أبو الفضل إبراهيم

ناشر

الهيئة المصرية العامة للكتاب

ایڈیشن نمبر

١٣٩٤هـ/ ١٩٧٤ م

التَّنْبِيهُ الرَّابِعُ
بِاخْتِلَافِ الْقِرَاءَاتِ يَظْهَرُ الِاخْتِلَافُ فِي الْأَحْكَامِ وَلِهَذَا بَنَى الْفُقَهَاءُ نَقْضَ وُضُوءِ الْمَلْمُوسِ وَعَدَمِهِ عَلَى اخْتِلَافِ الْقِرَاءَةِ فِي: "لَمَسْتُمُ "وَ: "لامستم ".
وَجَوَازَ وَطْءِ الْحَائِضِ عِنْدَ الِانْقِطَاعِ قَبْلَ الْغُسْلِ وَعَدَمِهِ عَلَى الِاخْتِلَافِ في: "يطهرن"وَقَدْ حَكَوْا خِلَافًا غَرِيبًا فِي الْآيَةِ إِذَا قرأت بقراءتين فَحَكَى أَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي كِتَابِ الْبُسْتَانِ قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ اللَّهَ قَالَ بِهِمَا جَمِيعًا وَالثَّانِي أَنَّ اللَّهَ قَالَ بِقِرَاءَةٍ وَاحِدَةٍ إِلَّا أَنَّهُ أَذِنَ أَنْ نَقْرَأَ بِقِرَاءَتَيْنِ. ثُمَّ اخْتَارَ تَوَسُّطًا وَهُوَ أَنَّهُ إِنْ كَانَ لِكُلِّ قِرَاءَةٍ تَفْسِيرٌ يُغَايِرُ الْآخَرَ فَقَدْ قَالَ بِهِمَا جَمِيعًا وَتَصِيرُ الْقِرَاءَتَانِ بِمَنْزِلَةِ آيَتَيْنِ، مِثْلُ: "حَتَّى يَطْهُرْنَ " وَإِنْ كان تفسيرهما واحدا كـ"البيوت" و" البيوت " فإنما قال بإحداهما، وَأَجَازَ الْقِرَاءَةَ بِهِمَا لِكُلِّ قَبِيلَةٍ عَلَى مَا تَعَوَّدَ لِسَانُهُمْ.
قَالَ: فَإِنْ قِيلَ: إِذَا قُلْتُمْ إِنَّهُ قَالَ بِإِحْدَاهُمَا فَأَيُّ الْقِرَاءَتَيْنِ هِيَ؟ قُلْنَا: الَّتِي بِلُغَةِ قُرَيْشٍ انْتَهَى.
وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: لِاخْتِلَافِ الْقِرَاءَاتِ وَتَنَوُّعِهَا فَوَائِدٌ:
مِنْهَا: التَّهْوِينُ وَالتَّسْهِيلُ وَالتَّخْفِيفُ عَلَى الْأُمَّةِ.
وَمِنْهَا: إِظْهَارُ فَضْلِهَا وَشَرَفِهَا عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ إِذْ لَمْ يَنْزِلُ كِتَابُ غَيْرِهِمْ إِلَّا عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ.

1 / 278