الاتقان فی علوم القرآن

جلال الدين السيوطي d. 911 AH
210

الاتقان فی علوم القرآن

الإتقان في علوم القرآن

تحقیق کنندہ

محمد أبو الفضل إبراهيم

ناشر

الهيئة المصرية العامة للكتاب

ایڈیشن نمبر

١٣٩٤هـ/ ١٩٧٤ م

وَذَهَبَ إِلَى الْأَوَّلِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الْقَاضِي فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ. قَالَ أبو بكر الأنبا ري: أَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ إِلَى سماء الدُّنْيَا ثُمَّ فَرَّقَهُ فِي بِضْعٍ وَعِشْرِينَ فَكَانَتِ السُّورَةُ تَنْزِلُ لْأَمْرٍ يَحْدُثُ وَالْآيَةُ جَوَابًا لِمُسْتَخْبِرٍ وَيُوقِفُ جِبْرِيلُ النَّبِيَّ ﷺ عَلَى مَوْضِعِ الْآيَةِ وَالسُّورَةِ فَاتِّسَاقُ السُّوَرِ كَاتِّسَاقِ الْآيَاتِ وَالْحُرُوفِ كله عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فَمَنْ قَدَّمَ سُورَةً أَوْ أَخَّرَهَا فَقَدْ أَفْسَدَ نَظْمَ الْقُرْآنِ. وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ فِي الْبُرْهَانِ: تَرْتِيبُ السُّوَرِ هَكَذَا هُوَ عِنْدَ اللَّهِ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ وَعَلَيْهِ كَانَ ﷺ يَعْرِضُ عَلَى جِبْرِيلَ كُلَّ سَنَةٍ مَا كَانَ يَجْتَمِعُ عِنْدَهُ مِنْهُ وَعَرَضَهُ عَلَيْهِ فِي السَّنَةِ الَّتِي تُوَفِّيَ فِيهَا مَرَّتَيْنِ وَكَانَ آخِرُ الْآيَاتِ نُزُولًا: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ﴾، فَأَمَرَهُ جِبْرِيلُ أَنْ يَضَعَهَا بَيْنَ آيَتَيِ الرِّبَا وَالدَّيْنِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ أَوَّلًا جُمْلَةً وَاحِدَةً مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ثُمَّ نَزَلَ مُفَرَّقًا عَلَى حَسَبِ الْمَصَالِحِ ثُمَّ أُثْبِتَ فِي الْمَصَاحِفِ عَلَى التَّأْلِيفِ وَالنَّظْمِ الْمُثْبَتِ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْبُرْهَانِ: وَالْخِلَافُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ لَفْظِيٌّ لْأَنَّ الْقَائِلَ بِالثَّانِي يَقُولُ إنه رمز إليهم بذلك ليعلمهم بِأَسْبَابِ نُزُولِهِ وَمَوَاقِعِ كَلِمَاتِهِ وَلِهَذَا قَالَ مَالِكٌ: إِنَّمَا أَلَّفُوا الْقُرْآنَ عَلَى مَا كَانُوا يَسْمَعُونَهُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ مَعَ قَوْلِهِ بِأَنَّ تَرْتِيبَ السُّوَرِ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُمْ فَآلَ الْخِلَافُ إِلَى أنه: هل هُوَ بِتَوْقِيفٍ قَوْلِيٍّ أَوْ بِمُجَرَّدِ استناد فِعْلِيٍّ بِحَيْثُ بَقِيَ لَهُمْ فِيهِ مَجَالٌ لِلنَّظَرِ وَسَبَقَهُ إِلَى ذَلِكَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الزُّبَيْرِ.

1 / 217