الاتقان فی علوم القرآن
الإتقان في علوم القرآن
ایڈیٹر
محمد أبو الفضل إبراهيم
ناشر
الهيئة المصرية العامة للكتاب
ایڈیشن
١٣٩٤هـ/ ١٩٧٤ م
وَقَالَ أَيْضًا: الَّذِي نَذْهَبُ إِلَيْهِ أَنَّ جَمِيعَ الْقُرْآنِ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهِ وَأَمَرَ بِإِثْبَاتِ رَسْمِهِ وَلَمْ يَنْسَخْهُ وَلَا رَفَعَ تِلَاوَتَهُ بَعْدَ نُزُولِهِ هُوَ هَذَا الَّذِي بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ الَّذِي حَوَاهُ مُصْحَفُ عُثْمَانَ وَأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَا زِيدَ فِيهِ وَأَنَّ تَرْتِيبَهُ وَنَظْمَهُ ثَابِتٌ عَلَى مَا نَظَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَتَّبَهُ عَلَيْهِ رَسُولُهُ مِنْ آيِ السُّوَرِ لَمْ يُقَدِّمْ مِنْ ذلك مؤخر ولا أخر منه مقدم وَإِنَّ الْأُمَّةَ ضَبَطَتْ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ تَرْتِيبَ آيِ كُلِّ سُورَةٍ وَمَوَاضِعِهَا وَعَرَفَتْ مَوَاقِعَهَا كَمَا ضُبِطَتْ عَنْهُ نَفْسُ الْقِرَاءَاتِ وَذَاتُ التِّلَاوَةِ وَأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ ﷺ قَدْ رَتَّبَ سُوَرَهُ وَأَنْ يَكُونَ قَدْ وَكَلَ ذَلِكَ إِلَى الْأُمَّةِ بَعْدَهُ وَلَمْ يَتَوَلَّ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ قَالَ: وَهَذَا الثَّانِي أَقْرَبُ.
وَأَخْرَجَ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: إِنَّمَا أُلِّفَ الْقُرْآنُ عَلَى مَا كَانُوا يَسْمَعُونَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ.
وَقَالَ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: الصَّحَابَةُ ﵃ جَمَعُوا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ الْقُرْآنَ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ زَادُوا أَوْ نَقَصُوا مِنْهُ شَيْئًا خَوْفَ ذَهَابِ بَعْضِهِ بِذَهَابِ حَفَظَتِهِ فَكَتَبُوهُ كَمَا سَمِعُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ غَيْرِ أن قدموا شيئا أو أخروا أَوْ وَضَعُوا لَهُ تَرْتِيبًا لَمْ يَأْخُذُوهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُلَقِّنُ أَصْحَابَهُ وَيُعَلِّمُهُمْ مَا نَزَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى التَّرْتِيبِ الَّذِي هُوَ الْآنَ فِي مَصَاحِفِنَا بِتَوْقِيفِ جِبْرِيلَ إِيَّاهُ عَلَى ذَلِكَ وَإِعْلَامِهِ عِنْدَ نُزُولِ كُلِّ آيَةٍ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ تُكْتَبُ عَقِبَ آيَةِ كَذَا فِي سُورَةِ كَذَا فَثَبَتَ أَنَّ سَعْيَ الصَّحَابَةِ كَانَ فِي جَمْعِهِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ لَا فِي تَرْتِيبِهِ فَإِنَّ الْقُرْآنَ مَكْتُوبٌ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ عَلَى هَذَا
1 / 215