الاتقان فی علوم القرآن
الإتقان في علوم القرآن
تحقیق کنندہ
محمد أبو الفضل إبراهيم
ناشر
الهيئة المصرية العامة للكتاب
ایڈیشن نمبر
١٣٩٤هـ/ ١٩٧٤ م
فَهَذِهِ آثَارٌ صَحِيحَةٌ صَرِيحَةٌ فِي إِنْزَالِ التَّوْرَاةِ جُمْلَةً وَيُؤْخَذُ مِنِ الْأَثَرِ الْأَخِيرِ مِنْهَا حِكْمَةٌ أُخْرَى لِإِنْزَالِ الْقُرْآنِ مُفَرَّقًا فَإِنَّهُ أَدْعَى إِلَى قَبُولِهِ إِذَا نَزَلَ عَلَى التَّدْرِيجِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَزَلَ جُمْلَةً وَاحِدَةً فَإِنَّهُ كَانَ يَنْفِرُ مِنْ قَبُولِهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ لِكَثْرَةِ مَا فِيهِ مِنَ الْفَرَائِضِ وَالْمَنَاهِي.
وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: إِنَّمَا نَزَلَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ منه سُورَةٌ مِنَ الْمُفَصَّلِ فِيهَا ذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ حَتَّى إِذَا ثَابَ النَّاسُ إِلَى الْإِسْلَامِ نَزَلَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلُ شَيْءٍ: "لَا تَشْرَبُوا الْخَمْرَ " لَقَالُوا: لَا نَدَعُ الْخَمْرَ أَبَدًا وَلَوْ نَزَلَ: "لَا تَزْنُوا " لَقَالُوا: لَا نَدَعُ الزِّنَا أَبَدًا. ثُمَّ رَأَيْتُ هَذِهِ الْحِكْمَةَ مُصَرَّحًا بِهَا فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ لِمَكِّيٍ.
فَرْعٌ
الَّذِي اسْتُقْرِئَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْقُرْآنَ كَانَ يَنْزِلُ بِحَسْبِ الْحَاجَةِ خمس آيات وعشرا وَأَكْثَرُ وَأَقَلُّ وَقَدْ صَحَّ نُزُولُ الْعَشْرِ آيَاتٍ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ جُمْلَةً وَصَحَّ نُزُولُ عَشْرِ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ "الْمُؤْمِنُونَ" جُمْلَةً، وَصَحَّ نُزُولُ: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ وَحْدَهَا وَهِيَ بَعْضُ آيَةٍ وَكَذَا قَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً﴾ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ نَزَلَتْ بَعْدَ نُزُولِ أَوَّلِ الْآيَةِ كَمَا حَرَّرْنَاهُ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ وَذَلِكَ بَعْضُ آيَةٍ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَشْتَةَ فِي كِتَابِ الْمَصَاحِفِ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قوله: ﴿بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾ قَالَ: أَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ نُجُومًا ثَلَاثَ آيَاتٍ وَأَرْبَعَ آيَاتٍ وَخَمْسَ آيَاتٍ.
وَقَالَ النِّكْزَاوِيُّ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ: كَانَ الْقُرْآنُ يَنْزِلُ مُفَرَّقًا الْآيَةَ وَالْآيَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ وَالْأَرْبَعَ وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ.
1 / 155