فأما من راعى صفات المخبرين . فجوابه أن نقول (¬1): من أين لهذا السائل أن هذه الأخبار في الأصل كانت ضعيفة ؟! بل المعلوم من حالها أنها كانت في الأصل أقوى وأظهر .
ولئن جاز لقائل أن يقول في الأخبار هذا القول ، ويدعي هذه الدعوى ، من غير أن يقيم عليها برهانا ويكون لها أدلة ، لجاز أن يقال مثله في أخبار البلدان أجمع ، وسير الملوك وأحوالهم كلها .
وهذا يؤدي إلى أن لا يثبت شيء من الأخبار ، ولا يصح أن يعلم بها شيء من الأمور المتباعدة . وهذا واضح السقوط ، لأنه من المعلوم من أحوال الأمم أجمع ، أنهم قد علموا من أحوال سلفهم من الملوك وغيرهم ، أمورا كثيرة من جهة الأخبار .
وهذا السؤال إن صح ، أدى إلى أن لا يصح العلم بشيء من ذلك ، وفي علمنا أن الأمر بخلاف ذلك ، مما يكشف فساده .
ثم يقال له: مما يفسد دعواك هذه ، ويوضح سقوط سؤالك هذا ، أنا قد علمنا أن هذه المعجزات لم تزل تنقل من أيام الصحابة إلى يومنا هذا ، عصرا بعد عصر ، وزمانا بعد زمان . ومن المعلوم أن هذا النقل كان ظاهرا مستفيضا قبل مولد أصحاب المغازي ، نحو ابن إسحاق وغيره . فكيف يصح أن ينسب ذلك إليهم ؟!
فإن قيل: عامة هذه الأخبار ينقلها الواحد والاثنان والثلاثة ، وما يزيد على ذلك ، ولا يمكن أن يذكر من نقلها إلا نحو هذا العدد .
صفحہ 280