الإسلام على قول الزهرى ومن وافقه بعد المبعث بعام ونصف، وكانت عائشة فى الهجرة بنت نحو ثمانية أعوام، وقد كان الإسراء قبل الهجرة بعام وشهرين، والحجة لذلك تطول وليست من غرضنا؛ فإذا لم تشاهد ذلك عائشة دل على أنها حدثت بذلك عن غيرها فلم يرجح خبرها على خبر غيرها، وغيرها يقول خلافه مما وقع نصا فى حديث أم هانئ وغيره، وأيضا فليس حديث عائشة بالثابت والأحاديث الأخر أثبت. وأيضا فقد روى فى حديث عائشة رضى الله عنها قالت: «ما فقدته» ولم يدخل بها النبى (صلى الله عليه وسلم) إلا بالمدينة، وكل هذا يوهنه، بل الذى يدل عليه صحيح قولها أنه بجسده؛ لإنكارها أن تكون رؤيا لربه رؤيا عين، ولو كانت عندها مناما لم تنكر.
فإن قيل: فقد قال تعالى: ما كذب الفؤاد ما رأى (1) فقد جعل ما رآه للقلب وهذا يدل على أنها رؤيا نوم ووحى لا مشاهدة عين وحس؟ قلنا: يقابله قوله تعالى: ما زاغ البصر وما طغى (2) وقد أضاف الأمر إلى البصر.
وقد قال أهل التفسير فى قوله تعالى: ما كذب الفؤاد ما رأى أى لم يوهم القلب العين غير الحقيقة بل صدق رؤيتها، وقيل: ما أنكر قلبه ما رأته عينه- انتهى كلام القاضى.
فائدة حسنة جليلة مفيدة على أن الإسراء بالجسد وفى اليقظة: ما قاله الحافظ أبو الخطاب عمر بن دحية فى كتابه «التنوير فى مولد السراج المنير»، وقد ذكر الإسراء من طريق أنس، وتكلم عليه فأجاد وأفاد، ثم قال: وقد تواترت الروايات فى حديث الإسراء عن عمر بن الخطاب، وعلى، وابن مسعود، وأبى ذر، ومالك ابن صعصعة، وأبى هريرة، وأبى سعيد، وابن عباس، وشداد بن أوس، وأبى بن كعب، وعبد الرحمن بن قرظ، وأبى حية البدرى، وأبى ليلى الأنصارى، وعبد الله ابن عمر، وجابر، وحذيفة، وبريدة، وأبى أيوب، وأبى أمامة، وسمرة بن جندب، وأبى الحمراء، وصهيب الرومى، وأم هانئ، وعائشة وأسماء، بنتى أبى بكر الصديق رضى الله عنهم أجمعين؛ منهم من ساقه بطوله، ومنهم من اختصر
صفحہ 66