ايثار الحق على الخلق في رد الخلافات
إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد
ناشر
دار الكتب العلمية
ایڈیشن نمبر
الثانية
اشاعت کا سال
١٩٨٧م
پبلشر کا مقام
بيروت
فِي ذَلِك بَيَان مهمات الدّين الاعتقادية وَإِن كَانَت عقلية وَيدخل فِيهِ مَا بنه النَّبِي ﷺ لقَوْله تَعَالَى ﴿وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا﴾ وَلقَوْله تَعَالَى فِي خطاب النَّبِي ﷺ ﴿لتبين للنَّاس مَا نزل إِلَيْهِم﴾ فَهَذَا بَيَان جملي وَمِنْه قَوْله ﷺ (إِنِّي أُوتيت الْقُرْآن وَمثله مَعَه الحَدِيث)
وَمِمَّا يصلح الِاسْتِدْلَال بِهِ فِي هَذَا الْمقَام قَوْله تَعَالَى ﴿وَترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إِلَى كتابها﴾ فلولا أَن كتابها هُوَ مَوضِع الْحجَّة عَلَيْهَا فِي أُمُور الدّين ومهماته مَا اخْتصَّ بِالدُّعَاءِ اليه وَنَحْوهَا قَوْله تَعَالَى ﴿الله الَّذِي أنزل الْكتاب بِالْحَقِّ وَالْمِيزَان﴾ فَجعل الْكتاب فِي بَيَان الدّين وَحفظه وتمييز الْحق من الْبَاطِل كالميزان فِي بَيَان الْحُقُوق الدُّنْيَوِيَّة وحفظها بل جعل الْحق مُخْتَصًّا بِهِ بِالنَّصِّ وَالْمِيزَان مَعْطُوفًا عَلَيْهِ بِالْمَفْهُومِ أَي وَالْمِيزَان بِالْحَقِّ وَقَالَ بعد الامر بوفاء الْكَيْل وَالْوَزْن ﴿لَا تكلّف نفس إِلَّا وسعهَا﴾ لِأَنَّهُ يحْتَاج إِلَى الْمُعَامَلَة بِالْكَيْلِ وَالْوَزْن وَإِن وَقع التظالم الْخَفي فِي مقادير مَثَاقِيل الذَّر أَو أقل مِنْهُ وَلم يقل ذَلِك بعد الْأَمر بِلُزُوم كِتَابه وَاتِّبَاع رسله لِأَنَّهُ لَا حَاجَة وَلَا ضَرُورَة إِلَى الْبِدْعَة فِي الِاعْتِقَاد
وَأما الْفُرُوع العملية فَلَمَّا وَقعت الضَّرُورَة إِلَى الْخَوْض فِيهَا بالظنون لم يكن فِيهَا حرج بِالنَّصِّ والاجماع فَتَأمل ذَلِك فانه مُفِيد
وَمن ذَلِك قَوْله تَعَالَى ﴿فَإِن تنازعتم فِي شَيْء فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول﴾ وَاتفقَ أهل الاسلام على أَن المُرَاد بِالرَّدِّ إِلَى الله وَرَسُوله الرَّد إِلَى كتاب الله وَسنة رَسُوله وَلَو لم يَكُونَا وافيين بِبَيَان مهمات الدّين مَا أَمرهم الله بِالرُّجُوعِ اليهما عِنْد الِاخْتِلَاف
الْوَجْه الْخَامِس فِي الدَّلِيل على مَنعه أَيْضا الاجماع على تحري الْبِدْعَة فِي الدّين وَمَا زَالَ الصَّحَابَة والتابعون لَهُم باحسان يحذرون من ذَلِك حَتَّى
1 / 107