ايثار الحق على الخلق في رد الخلافات
إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد
ناشر
دار الكتب العلمية
ایڈیشن نمبر
الثانية
اشاعت کا سال
١٩٨٧م
پبلشر کا مقام
بيروت
أَحدهَا أَن الْكَلَام فِي ذَات الله تَعَالَى على جِهَة التَّصَوُّر وَالتَّفْصِيل أَو على جِهَة الاحاطة على حد علم الله كِلَاهُمَا بَاطِل بل من الْمُتَشَابه الْمَمْنُوع الَّذِي لَا يُعلمهُ إِلَّا الله تَعَالَى لقَوْله تَعَالَى ﴿وَلَا يحيطون بِهِ علما﴾ وَلقَوْله تَعَالَى ﴿لَيْسَ كمثله شَيْء﴾ وانما تتَصَوَّر الْمَخْلُوقَات وَمَا هُوَ نَحْوهَا وَلما رُوِيَ من النَّهْي عَن التفكر فِي ذَات الله والامر بالتفكر فِي آلَاء الله وَلما اشْتهر عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ ﵇ أَن ذَلِك مذْهبه حَتَّى رَوَاهُ عَنهُ الْخُصُوم وَمن أشهر مَا حفظ عَنهُ ﵇ فِي ذَلِك قَوْله فِي امْتنَاع معرفَة الله ﷿ على الْعُقُول امْتنع مِنْهَا بهَا واليها حاكمها وَمن التفكر فِي الله والتحكم فِيهِ وَالدَّعْوَى الْبَاطِلَة على الْعُقُول والتكلف لتعريفها مَا لَا تعرفه حدثت هُنَا الْبدع الْمُتَعَلّقَة بِذَات الله وَصِفَاته وأسمائه فَمن أكبرها قَول البهاشمة من الْمُعْتَزلَة أَن الله تَعَالَى عَن قَوْلهم لَا يعلم من ذَاته غير مَا يعلمونه قَالَ بن أبي الْحَدِيد فِي شرح النهج وَهَذَا مِمَّا يُصَرح بِهِ أَصْحَابنَا وَلَا يتحاشون عَنهُ وَقد كثرت عَلَيْهِم الردود حَتَّى تولى عَلَيْهِم فِي ذَلِك كثير من أَصْحَابهم الْمُعْتَزلَة كَابْن أبي الْحَدِيد وَغَيره حَتَّى قَالَ فِي ذَلِك قصائد كَثِيرَة بليغة مِنْهَا
(سَافَرت فِيك الْعُقُول فَمَا ... ربحت إِلَّا عَنَّا السّفر)
(رجعت حسري فَمَا وَقعت ... لَا على عين وَلَا أثر)
(فلحى الله الأولى زَعَمُوا ... أَنَّك الْمَعْلُوم بِالنّظرِ)
(كذبُوا أَن الَّذِي زَعَمُوا ... خَارج عَن قُوَّة الْبشر)
فاذا كَانَ هَذَا كَلَام إِمَام معارفهم والحامي عَن حماهم فَمَا ظَنك بِغَيْرِهِ من خصومهم فاعرض على فطراتك الَّتِي فطرك الله عَلَيْهَا هَل تَجِد علمك بِاللَّه مثل علم الله وَأَنت الحكم كَمَا قَالَ أَمِير الْمُؤمنِينَ ﵇ فان الانسان يعرف أَحْوَال نَفسه وَعلمه وجهله مثل عافيته وألمه
وَقد بسطت القَوْل فِي الرَّد عَلَيْهِم فِي دَعْوَى الْعلم بِالذَّاتِ كعلمه تَعَالَى فِي تَرْجِيح أساليب الْقُرْآن على أساليب اليونان وَكفى بقول أَمِير الْمُؤمنِينَ
1 / 91