ايثار الحق على الخلق في رد الخلافات
إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد
ناشر
دار الكتب العلمية
ایڈیشن نمبر
الثانية
اشاعت کا سال
١٩٨٧م
پبلشر کا مقام
بيروت
يَكُونُوا من أَئِمَّة السّمع وينكشف لَهُم جهل أسلافهم أَو عنادهم وهم غير ملتفتين إِلَى شَيْء من هَذَا بل هم فِي غَايَة الْعجب بعلمهم واتقانهم وَغَايَة السخرية بخصومهم فهم أفحش الاقسام الاربعة الْمَشْهُورَة وهم من الَّذين لَا يَدْرُونَ أَنهم لَا يَدْرُونَ
وَقد رَأَيْت لبَعض حذاق الباطنية فِي كتاب الْملَل والنحل الْقدح فِي الاخبار بذلك فانه لم يفرق بَين التَّوَاتُر الْحق وَدَعوى التَّوَاتُر فَقَالَ أما التَّمَسُّك بالاخبار فانه متعارض لِأَن كل طَائِفَة قد تَوَاتر لَهُم مَا هم عَلَيْهِ عَن أسلافهم الَّذين يثقون بهم وَلم يعلم الْمُغَفَّل أَن هَذَا مثل دَعْوَى الْيَهُود لقَوْل مُوسَى ﵇ تمسكوا بالسبت أبدا وَدَعوى تَوَاتر ذَلِك عَنهُ وَأَنه لَا فرق بَين تِلْكَ الدَّعْوَى وَبَين مَا صَحَّ عَن نَبينَا مُحَمَّد ﷺ أَنه لَا نَبِي بعدِي وَأَنه خَاتم الْأَنْبِيَاء وَكم بَين تَوَاتر صِفَات الْكَمَال فِي رَسُول الله ﷺ وتواتر معجزاته وفضائله للعارفين وَبَين تلقي صبيان الْيَهُود لما يُعَارض ذَلِك كُله عَن آبَائِهِم الْقَوْم البهت وَهل يَقُول مميزان الامرين فِي التَّوَاتُر سَوَاء فجهال هَذِه الصُّورَة مثل صبيان الْيَهُود حِين نشؤا على ظن السوء برَسُول الله ﷺ وَأَنه لَا دَوَاء لَهُم إِلَّا أَن يتْركُوا تَقْلِيد آبَائِهِم فِي ذَلِك الظَّن السيء ويطالعوا كتب الاسلام الَّتِي فِيهَا سيرته وأخلاقه ومعجزاته وَسَائِر مناقبه والتواتر مِمَّا لَا يُمكن تَعْرِيف الْجَاهِل بِهِ أَلْبَتَّة
وَلذَلِك يَقُول الْعلمَاء فِي ذَلِك أَنه مَعْلُوم لمن طالع كتب الاخبار وَإِلَّا فَكل مُبْطل مُعْتَقد لصِحَّة باطله وَلَوْلَا الْفرق بَين الاعتقادات الْبَاطِلَة والعلوم الصَّحِيحَة مَا تميز كفر من اسلام وَلَا شرك من تَوْحِيد وَلَا عَالم من جَاهِل فالعلم الْحق مَا جمع الْجَزْم والمطابقة والثبات عِنْد التشكيك فالظنون تَلْتَبِس بالعلوم الجازمة عِنْد كثير من الْعَامَّة والاعتقادات الْبَاطِلَة وَإِن كَانَت جازمة فِي نفوس أَهلهَا فَهِيَ غير مُطَابقَة فِي الْخَارِج واعتقادات عوام الْمُسلمين وَإِن كَانَت جازمة فِي نُفُوسهم مُطَابقَة للحق فانها لَا تثبت فِي نُفُوسهم عِنْد التشكيك وَالْعلم الْحق هُوَ مَا جمع هَذِه الْأَوْصَاف الثَّلَاثَة وَالله سُبْحَانَهُ قد خص بالهداية لَهُ من علم مِنْهُ الْقبُول والانصاف والاهلية لذَلِك كَمَا قَالَ فِي إِبْرَاهِيم ﵇ ﴿وَكُنَّا بِهِ عَالمين﴾ وَقَالَ معَاذ إِن الْعلم وَالْإِيمَان
1 / 120