وقوله: «مسجد الحرام»، القول فيه كما في نظائر له، مثل قولهم: «دار الآخرة»، و«مسجد الجامع»، فعلى طريقة الكوفيين هو إضافة الموصوف إلى صفته، وهو عندهم سائغ، ولا يسوع ذلك البصريون، يقولون: تقديره «شهر الوقت الحرام»، و«مسجد المكان الجامع»، و«دار الحياة الآخرة»، والله أعلم.
أبو سلمة اسمه عبد الله، وقيل: لا يعرف له اسم، وهو: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة الزهري الفقيه القرشي المدني.
وفي اسم أبي هريرة ﵁ واسم أبيه اختلافٌ كثير، قد نبهنا عليها في غير هذا الموضع، والله سبحانه أعلم.
وفي «الغريب»: «لا تشد الغرض إلا إلى ثلاثة مساجد»، والغرض: جمع غرضة، والغرض: الحزام الذي يشد على بطن الناقة وهو البطان، والمغرض: الموضع الذي يشد عليه.
وقوله: «لا تشد الرحال» معناه: أنه إذا نذر الصلاة في بقعةٍ غير هذه المساجد الثلاثة لا يلزمه، أو لا ينعقد نذره، فيجب عليه أن يشد إليها الرحال، ويقطع إلى قصدها المسافة بالترحال، وقد تشد الرحال إلى المسجد الحرام فرضًا للحج والعمرة، وكانت تشد إلى النبي ﷺ في حياته للهجرة، وكانت واجبةً على الكفاية في قول بعض أهل العلم، فأما إلى بيت المقدس فإنه فضيلةٌ واستحباب.
والحديث متأول على أنه لا يعتكف إلا في هذه المساجد الثلاثة، فيرحل إليها إذا نذر الاعتكاف فيها، وهو قول بعض السلف، ولو عين للاعتكاف غير هذه المساجد الثلاثة هي يتعين أم لا؟ فيه اختلاف، والله سبحانه أعلم.
1 / 33