ورد على عزمي الساكن مما حركه إلى أشرف الأماكن، فقلت من الواجب المبادرة، إلى أداء فرض الحج الواجب وعزمت بكلي على مجاهدة كلي، وركبت سفينة نجاة كنت أتمناها وقلت لما استويت عليها. باسم اللَّه مجراها ومرساها وساقني سائق الإنعام، والفضل الذي يحل عني الصفة إلى مكة المشرفة، فدخلتها في الثاني من شهر ربيع الأول سنة ثمان وأربعين وثمانمائة مهلا بعمرة وحللت من ذلك البيت الحرام محلا يتمنى أعظم ملوك الأرض أن لو قضى فيه عمره، واستمريت وللَّه الحمد بقية تلك السنة في ذلك المحل الشريف من العبادة والطواف على حالة حسنة ولما آن أوان الحج حججنا وقمنا من "أداء" الفرض بما يجب على كل حاج حسًّا ومعنى، وحين انقضت أيام مني وقع في العزم فتور في الحركة عن قصد العود إلى الديار المصرية إنشا (إن شاء اللَّه) فنويت المجاورة وقلت مجاورة بيت اللَّه الحرام، أفضل من الرجوع إلى القاهرة.
(وفي أوائل ثمانمائة وتسع وأربعين سنة) من الهجرة النبوية حصل التوجه إلى المدينة الشريفة النبوية وزيارة قبر سيدنا محمد ﷺ وعلى أبيه آدم ومن بينهما من الأنبياء والمرسلين وسلم وشرف وكرم. وكان هذا القصد المبارك هو قصدي الثاني لما فيه من حصول عوارف الفضل ولطف المعاني، ووجوب الشفاعة لمن زار قبره
1 / 77