81

استقامت

الاستقامة الجزء الثاني المصحح

اصناف

كذلك جميع المخصوص لا يخرج على حكم المعموم ، وجميع المعموم لا يخرج في المخصوص ، ولكن يحكم بالمخصوص في موضعه و المعموم في موضعه ، وإلا وقع الضلال وبان الجهال ، ألا ترون إلى قول الله - تبارك وتعالى - : (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا )(1) .

فهل قال أحد من الناس بجهله ، إن الله لا يغفر الشرك إذا تاب منه المشرك ، وادعى ذلك أحد من الناس ، وقد قال الله مجملا : (إن الله لا يغفر أن يشرك به )، ففي ظاهر الآية أنه لا يغفر الشرك به ، وأجمعت الأمة أنه إذا تاب من شركه أنه يتوب الله عليه . وقد قال - تعالى -في غير هذا الموضع في غير آية.

ومن ذلك أيضا قوله - تعالى - : (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما (68) يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا (69) إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما )(2)

فاستثنى في هذه الآية وفي غيرها ، ولم يستثن في قوله - تعالى - : (إن الله لا يغفر أن يشرك به )، لم يستثن فيها للمشركين نصا أنهم يغفر لهم ، فأجمعت الأمة أن هذا خاص لمن لم يتب من شركه ، لا نعلم في ذلك منهم اختلافا .

واختلفت الأمة في قوله - تعالى - : (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) فكان أصح القول في ذلك قول المسلمين : إنه يغفر لمن يشاء ، وأهل مشيئته من تاب .

-88-

__________

(1) - الآية (16 ا ) سورة النساء .

(2) - الآيات ( 68- 70 ) سورة الفرقان .

صفحہ 88