فهم به السيد عبد الرحمن وقبله باكيا وهو يقول: «وأين هو؟ هل عرفه حراس أبواب المدينة فاحتجزوه؟»
قال: «نعم، عرفه أحدهم وهم بإرساله إلى هنا في القلعة تنفيذا لأمرك، ولكن ...»
فقاطعه سائلا: «ولكن ماذا؟ هل عليه من بأس؟»
فقال: «لا بأس عليه، لكنه شاهد بين القادمين من مصر مع علي بك جماعة من خدم صديق لكم هناك اسمه السيد المحروقي، وعلم منهم أنهم قادمون للبحث عنك وعنه ومعهم سيدة يهمها أمركما.»
فازداد بكاء السيد عبد الرحمن من شدة الفرح وقال: «لعلها سالمة، أليس كذلك؟»
فضحك عماد الدين وهم بالسيد عبد الرحمن فعانقه وقبله وقال: «نعم ... إنها هي بعينها يا سيدي، فهل أيقنت بأن الله قادر على كل شيء، وأنه لا يضيع أجر الصابرين؟!»
فسجد السيد عبد الرحمن شكرا لله، ثم نهض وعاد إلى معانقة عماد الدين وتقبيله وهو يقول: «لقد نفد صبري، فاعذرني يا ولدي، فأين هم الآن؟»
فقال له: «هيا بنا نذهب لمقابلتهم.» ثم اصطحبه إلى منزله فإذا بحسن وأمه ينتظران بالباب، وأخذ الجميع يتبادلون العناق والقبلات وهم لا يكادون يصدقون اجتماع شملهم بعد طول الفراق. •••
اتفق الجميع بعد ذلك على أن يبقى حسن وأمه في منزل عماد الدين، ويعود السيد عبد الرحمن إلى مسكنه في القلعة إلى أن يرجع علي خادمه من القاهرة.
وبعد أيام، قام علي بك بالعودة إلى مصر على رأس ذلك الجيش العرمرم الذي أعده له الشيخ ضاهر من بين رجاله ورجال الأسطول الروسي حليفهما، ثم جاءت الأنباء بهزيمة هذا الجيش على حدود مصر، ثم معاودته الكرة حتى دخل الصالحية فاتحا، وهناك خف إلى لقائه محمد بك أبو الذهب على رأس جيش عظيم، واستطاع أن يرده مرة أخرى، بعد أن أصيب علي بك وهو مريض في خيمته بطعنات عدة، فنقل إلى القاهرة أسيرا حيث مات متأثرا بجروحه، وخلا الجو لأبي الذهب.
نامعلوم صفحہ