اخرجوا من بابل، اهربوا من أرض الكلدانيين بصوت الترنم أخبروا ، نادوا بهذا. (إشعيا، 48: 20) (5) بناء الهيكل الثاني
ولكن الشعب المقدس يتمسك بالإقامة في بابل ولا يرغب في العودة، مما كان مبررا مصلحيا لعدم تصديقهم نبوءات الأنبياء عن الغد الذهبي في أورشليم.
المهم أن قورش بعد فتح بابل سنة 538ق.م بقليل، أعلن مرسومه بعودة اليهوذيين إلى يهوذا، وقد ورد في كتاب عزرا:
في السنة الأولى لقورش ملك فارس، عند تمام كلام يهوه بفم إرميا، نبه يهوه روح قورش ملك فارس، فأطلق نداء في كل مملكته وبالكتابة أيضا قائلا: هكذا قال قورش ملك فارس: جميع ممالك الأرض دفعها لي يهوه إله السماء، وهو أوصاني أن أبني له بيتا في أورشليم التي في يهوذا. من منكم من كل شعبة ليكن إلهه معه ويصعد إلى أورشليم التي في يهوذا، فيبني بيت يهوه إله إسرائيل، «هو الله الذي في أورشليم». وكل من بقي في أحد الأماكن حيث هو متغرب، فلينجده أهل مكانه بفضة وبذهب وبهائم، مع التبرع لبيت يهوه الذي في أورشليم. (عزرا الأول، 1: 1-4)
لقد حل النبي المشكلة، «الفقراء يعودون، أما الذين ارتبطوا بمصالح اقتصادية في بلاد الكلدانيين البابلية، فإنه يمكنهم البقاء لكن عليهم التبرع والتمويل لإعادة بناء الهيكل» الذي سبق وهدمه نبوخذ نصر، بناء البيت، وبناء مدينة أورشليم وسورها المهدوم. أي أنه على من يرغب في البقاء أن يتقدم بمعونة سنوية لمعبد كهنة أورشليم.
وبينما نبي التوراة المجهول يتحدث عن قورش باعتباره المسيح المختار لدمار بابل، كان كهنة الإله البابلي مردوك يسجلون بأوامر قورش، أن الإله مردوك رب بابل قد استدعى قورش لفتحها، وذلك في المرسوم القائل على لسان مردوك، أنه: «بعد أن نظر في كل البلدان ومحصها بحثا عن ملك تقي، يكون من قلبه، فليأخذ بيده. نادى الملك قورش ... باسمه، وناشده السيطرة على الكون ... وأمره بالسير إلى مدينته هو (مدينة مردوك) بابل، ودون معركة أو قتال سمح له بدخول بابل.»
7
لقد كان قورش يرعى مصالحه السياسية عبر إيمان المتدينين؛ فهو يفتح بابل ويحترم آلهتها ويوقرها بعكس كل نبوءات التوراة، ويقول إنه جاء ليأخذ بابل بناء على طلب كبير أربابها، كذلك فعل مع بقية آلهة الدول المفتوحة، كذلك فعل مع يهوه، ويقول في مرسوم آخر: «حين دخلت بابل، أخذت برعاية شئون بابل الداخلية ومقدساتها ... ففرح «مردوك» المليك العظيم لأعمالي المباركة، وباركني أنا قورش الملك الذي يجله.»
8
وتمكن قورش من اجتذاب كهنة ديانات البلاد المفتوحة إلى جانبه، وهم من جانبهم ضمنوا له ولاء رعاياهم بما لديهم من أوامر إلهية يوحى بها، ولم تفكر بابل في الانتفاض عليه لا في عهده ولا في عهد ولده قمبيز. وهو قد سمح لليهوذيين بالعودة إلى أورشليم ليس لأنه تلقى أوامر يهوه بذلك، ولكن لأنه كان يهيئ نفسه للاستيلاء على مصر، وكان يشغله أن يكون الملك الملاصق لبوابة مصر من أتباعه هو وشعبه؛ أن يكون شعب الحدود المصرية وفيا لفارس. بل ودفع قورش جزءا من مصاريف بناء الهيكل، لأنه كان يريد إخلاص الكهنوت اليهوذي، مع تبعية كاملة؛ فهي عودة لكنها تحت ظل السلطان الفارسي الكامل، بل إن قورش قد عين عليها واليا فارسيا من قبله، مع حاكم يهوذي محلي هو «زربابل» الذي اختاره الكهنة بحسبانه «سليل البيت اليهودي الملكي، سليل داود وسليمان».
نامعلوم صفحہ