السابعة عشرة: قال العلماء: لم يكن بكاء موسى وقوله ما قال حسدا معاذ الله فإن الحسد في ذلك العالم منزوع عن آحاد المؤمنين فكيف لمن اصطفاه الله، بل أسفا على ما فاته من الأجر الذي يترتب عليه رفع الدرجة بسبب ما وقع من أمته من كثرة المخالفة المقتضية لنقص أجورهم المستلزمة لتقص أجره، لأن لكل نبي مثل أجر من تبعه، ولهذا كان من اتبعه دون عدد من اتبع نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع طول مدتهم.
واما قوله: غلام. فهو على سبيل التنويه بعظمة الله وقدرته وعظيم كرمه إذ أعطى من كان في ذلك السن ما لم يعطه أحدا قبله ممن هو أسن منه لا على سبيل التنقيص. قال الخطابي: والعرب تسمي الرجل المستجمع غلاما ما دامت فيه بقية من القوة، قال شيخ الاسلام ابن حجر: ويظهر لي ان موسى عليه السلام أشار الى ما أنعم الله به على نبينا عليه الصلاة والسلام من استمرار القوة في الكهولة الى أن دخل في أول سن الشيخوخة، ولم يدخل في بدنه هرم، ولا اعترى قوته نقص حتى أن الناس في قدومه المدينة لما رأوه مردفا أبا بكر أطلقوا عليه اسم الشاب وعلى أبي بكر اسم الشيخ مع كونه في العمر أسن منه.
الثامنة عشرة: قال القرطبي: الحكمة في تخصيص موسى بمراجعته النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: في أمر الصلوات لعلها لكون أمة موسى كلفت من الصلوات بما لم يكلف به غيرها من الأمم فثقلت عليهم فأشفق موسى على أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم من مثل ذلك، ويشير اليه قوله: إني قد جربت الناس قبلك.
وقال شيخ الاسلام ابن حجر:
يحتمل أن يكون موسى لما غلب عليه في الابتداء الأسف على نقص حظ أمته بالنسبة الى أمة محمد حتى تمنى استدراك ذلك ببذل النصيحة لهم والشفقة عليهم ليزيل ما عساه أن يتوهم عليه فيما وقع منه في الابتداء.
التاسعة عشرة: اختلف هل رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ربه ليلة المعراج على قولين مشهورين:
فأثبت ذلك ابن عباس وطائفة.
وأنكرته عائشة.
صفحہ 45