والرؤية إنما تطلق على ما كان مناما، ولظاهر في بعض الأحاديث السابقة من قوله:"بينا انا نائم"، وفي بعض الطرق"فاستيقظت وانا بالمسجد الحرام". وأجيب عن الآية بأن قوله:{ فتنة للناس} يريد أنها رؤيا عين، إذ ليس في الحلم فتنة، ولا يكذب به أحد. وقيل: إن الآية نزلت في غير قصة الاسراء وعن قوله:" بينا أنا نائم". بأن أول مجيء الملك اليه وهو نائم. فأيقظه، لا أنه استمر نائما. وأما قوله:"فاستيقظت وأنا بالمسجد الحرام". فالمراد به الافاقة البشرية من الغمرة الملكية، على أن شريكا رواية اضطرب فيه وساء حفظه، وزاد ونقص، وقدم وأخر وأما قول عائشة: ما فقدت جسده، فعائشة لم تكن حينئذ زوجة، بل لعلها لم تكن ولدت بعد على الخلاف في الاسراء متى كان، فإنها كانت في الهجرة بنت ثمانية أعوام، وسيأتي تاريخ الاسراء بأقواله، فإذا لم تشاهد ذلك دل على أنها حدثت به عن غيرها، فلم يرجع خبرها، مع قول أم هانئ بخلافه، على أن عائشة أنكرت أن يكون صلى الله عليه وعلى آله وسلم رأى ربه، فدل على أن الاسراء كان يقظة، إذ لو كان مناما لم تنكره.
وذهب بعضهم الى أن الاسراء كان في اليقظة، والمعراج كان في المنام، ولذلك لما أخبر به قريشا كذبوه في الاسراء واستبعدوا وقوعه، ولم يتعرضوا للمعراج، ولأن الاسراء ذكر في القرآن في معرض الامتنان، فلو كان متصلا باليقظة الى الملأ الأعلى لما اقتصر على قوله الى المسجد الأقصى مع كون شأنه أعجب وأغرب.
صفحہ 34