البشارة المعجزة (إسحاق) (57)
(وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين ). ( الصافات / 112 )
ارتباط سارة بالخليل، ارتباط روح ومشاعر وعقيدة وكفاح ومعاناة، فقد آمنت به في ظل الوثنية والإرهاب وطغيان نمرود ، وهاجرت معه وصحبته في رحلة الدعوة إلى الله والجهاد من أجل العقيدة والمبدأ ، لترسم الطريق واضحا نيرا الطريق الصعب المليء بالاشواك وقسوة الحياة وعسرة الكفاح أمام المرأة ، فهي المرأة التي اختطت طريق الهجرة والكفاح من أجل العقيدة في ظلال زوج نبي ، واصطحبته طول المسيرة وشاركته ملحمة الصراع الحضاري .
تزوج الخليل سارة في بابل، وحين احتدم الصراع بينه وبين نمرود وأتباعه هاجر إلى (اور الكلدانيين) جنوب بابل من أرض العراق ، واصطحب سارة معه رفيقة جهاد وحاملة مبدأ ، ومهاجرة من أجل عقيدة التوحيد ودعوة الهدى وخير الإنسان ، ثم يممت وجهها مهاجرة شطر الشام ، تطوي الفيافي والقفار ، وتقطع البيد الشاسعة برمالها وأشواكها . لقد كانت رحلة هجر وهجرة ومعاناة ، تدور حول الخليل حيث دار وتفيض من حوله مشاعر الود والوفاء .. فتحيل جفوة الصحراء ، ووحشة الغربة ، إلى واحة حب واستئناس ، تضرب المثل الاعلى للمرأة المؤمنة الوفية ، وصاحبة العقيدة الصلبة الصابرة .. استقر الخليل وسارة ومن معهما في أرض الشام وأقاموا فيها ردحا من الزمن .. الخليل وسارة ومن كان معهما ممن آمنوا وهاجروا واوذوا في الله .
قرر الخليل الهجرة إلى مصر ، ولم تكن سارة غير رفيقة درب وشريكة هجرة وجهاد يطلبون الميرة والتموين والتزود بالطعام ، ويحملون الدعوة إلى الله ويبشرون برسالة الهدى ، فصاحب الرسالة ليس بوسعه أن يبصر شيئا إلا من خلالها ، وليس لديه هم سوى هم حملها وتبليغها ، ولم يكن الخليل ليضيع فرصة الدخول إلى مصر دون أن يصدع برسالته ويبلغ دعوته ، فراح يجادل أهل الدعوات الباطلة ويدحض ادعاءاتهم ويردها عليهم ، ويوضح لهم الطريق والمسار (58).
صفحہ 51