فاصعد إلى أرض المكاكي واجتنب *** قرى الشام لا تصبح وأنت مريض ... ويقال أيضا سميت مكة لانها عبدت الناس فيها فيأتونها من جميع الاطراف من قولهم إمتك الفصيل أخلاف الناقة إذا جذب جميع ما فيها جذبا شديدا فلم يعد فيها شيئا ، وهذا قول أهل اللغة، وسماها الله تعالى ام القرى ، والبلد الامين ، وقال تعالى :
(وليطوفوا بالبيت العتيق ) . ( الحج / 29 )
(جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس ... ) . ( المائدة / 97 )
ولما خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من مكة وقف على المروة ، فقال :
« إني لأعلم أنك أحب البلاد إلي ، وأنك أحب أرض الله إلى الله ، ولولا أن المشركين أخرجوني منك ما خرجت ... » .
ووقف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عام الفتح على جمرة العقبة وقال :
« والله انك لخير أرض الله ، وانك لأحب أرض الله إلي ، ولو لم اخرج لما خرجت ، انها لم تحل لأحد كان قبلي، ولا تحل لأحد كان بعدي ، وما احلت لي إلا ساعة من نهار ثم هي حرام لا يعضد شجرها ولا يحتش خلالها ، ولا تلتقط ضالتها إلا لمنشد » .
فقال رجل : يا رسول الله ! إلا الأذخر فانه لبيوتنا وقبورنا ، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «إلا الاذخر») (56).
وهكذا عادت مكة إلى رحاب التوحيد، وشمخت بكعبتها ومناسكها تستهوي النفوس وتوحد القلوب ، تحكي للأجيال قصة الكفاح الذي خاضه إبراهيم وهاجر وإسماعيل لتكون مثابة للناس وأمنا .
صفحہ 44