جمعت قريش الحجارة وشرعوا بالبناء حتى بلغ البناء موضع الركن، فاختلفت القبائل ، وأرادت كل قبيلة أن تتشرف بحمل الحجر الأسود ووضعه في مكانه حتى تحالفوا وتواعدوا للقتال ، (فمكثوا على ذلك أربع ليال ثم تشاوروا ، فقال أبو امية بن المغيرة ، وكان أسن قريش : اجعلوا بينكم حكما أول من يدخل باب المسجد يقضي بينكم ، فكان أول من دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فلما رأوه قالوا : هذا الأمين قد رضينا به ، وأخبروه الخبر ، فقال : هلموا إلي ثوبا ، فاتي به ، فأخذ الحجر الأسود فوضعه فيه ثم قال: لتأخذ كل قبيلة ناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعا . ففعلوا فلما بلغوا به موضعه وضعه بيده ثم بنى عليها) (52) .
وهكذا اعيد البناء واخمدت الفتنة ووضع الحجر الاسود موضعه على يد رسول الهداية والاصلاح محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، واستقام بناء الكعبة واستطال ظلها .
وكما قدست الكعبة وعظم شأنها في نفوس الاجيال عبر التاريخ عرضت كذلك إلى العدوان والاعتداء من قبل أبرهة الحبشي الذي أعد جيشه وجمع جنده ، وتوجه إلى الكعبة يريد هدمها ، فهدم الله طغيانه وأبطل كيده ، وأرسل عليه طيرا أبابيل ، فأباد جنده وفشلت حملته الآثمة على البيت الحرام ، وحفظ الله بيته من كيد الطغاة ، كان ذلك في عصر الجاهلية أيام عبدالمطلب بن هاشم ، أما في عصر الإسلام فقد وقع على البيت الحرام اعتداء وتخريب أيضا ، فهدم واحرق من قبل جيش أهل الشام الذي أرسله يزيد بن معاوية لمقاتلة عبدالله بن الزبير .
جاء في الكامل في التاريخ لابن الاثير : ( ... ثم أقاموا عليه يقاتلونه «عبدالله بن الزبير» بقية المحرم وصفر كله حتى إذا مضت ثلاثة أيام من شهر ربيع الاول سنة أربع وستين ، رموا البيت بالمجانيق وحرقوه بالنار وأخذوا يرتجزون ويقولون :
صفحہ 42