عظم الأمر على خزاعة أن انتقلت منها سدانة البيت وولاية أمره ، فجمعت أمرها ومعها بنو بكر فاقتتلوا فهزمها قصي واستقر له أمر الولاية، فأصبح زعيما لقريش ورئيسا لها ، فدانت له الرقاب ، وأصبح سيد مكة وأميرها ، واعترفت له قريش بالزعامة والرئاسة ، فكان بيده الحجابة والسقاية والرفادة والندوة واللواء (46)، وبقيت في ولده حتى ورث العباس بن عبدالمطلب في الجاهلية والإسلام السقاية والرفادة (47) ولم تكن قريش لتعود إلى دين التوحيد وتطهر بيت أبيها إبراهيم وإسماعيل من رجس الوثنية وخرافة الجاهلية .. فكانت كمن سبقها في التوغل في حياة الجاهلية وفساد العقيدة، والعكوف على عبادة الأوثان ، فأصبح البيت مجمعا للأوثان ، وقبلة للوثنية ، بعد أن كان منارا للتوحيد وبيتا للوحدانية .. وهكذا كان أمر البيت حتى أشرقت أنوار النبوة ، وجلجل في الآفاق صوت التوحيد ، وعاد دين إبراهيم على يد النبي الهادي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولم تطهر الكعبة من الشرك والوثنية حتى فتح الله لنبيه مكة المكرمة ، فدخلها آمنا منتصرا ، فطاف بالبيت سبعا وصلى فيه ، فرأى صور الأنبياء (48) فأمر بها فمحيت ، وكان بيد النبي قضيب فكان يشير به إلى الاصنام ويقرأ : (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ).( الاسراء / 81 )
فحطمت بسيوف الهدى وسواعد الموحدين، وكانت (360) صنما .
اقترب وقت الصلاة ودخل الظهر ، فأمر النبي بلالا أن يصعد على ظهر الكعبة ، ويرفع في آفاق مكة نداء التوحيد ، ويؤذن للصلاة ، فعلا بلال كعبة التوحيد ورفع نداء إبراهيم وإسماعيل من جديد ، وقريش تهيم على وجهها فوق رؤوس الجبال وفي منعطفات الشعاب ، يعلوها الذل وتحيطها المهانة والانكسار ، وهم يسمعون النداء ، ويصغون إلى الحدث الجديد .
صفحہ 40